تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• قال تعالى: (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ) (النمل:22)

• موقف الصحابة من خبر الله ورسوله

- روى الإمام البخاري من حديث ابن عباس ? أنه قال: لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء: 214)، صعد النبي على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ ".

فهذا خبر، والخبر يتطلب التصديق، فالذي كان يريده النبي أن يصدقوه، فباب الغيبيات كله من باب الأخبار ويتطلب التصديق.

فمن قال في هذا الباب: "إن الظاهر غير مراد، فلا تصدق، فهذا الكلام لا يُفهم منه خبر الله ورسوله"

نقول له: كلامك لا يلزمنا، فالذي أخبرنا هو الله، فنحن نصدق خبر الله.

وقد تجد من يقول: "لا يجوز أن يُسأل عن الله بـ (أين) لأن (أين) للمكان "، مع أن النبي في حديث معاوية بن الحكم السلمي يقول للجارية: "أين الله؟ "، قالت: "في السماء"،قال:"أعتقها فإنها مؤمنة"، فالرسول يقول: أين الله؟، ويأتي أستاذ دكتور ويقول: لا يُسأل عن الله بـ"أين"، فمن نصدق؟!

فلو عرضنا هذا الأمر على إنسان بسيط من العوام سيقول: أنا أصدق كلام ربنا، ولا يلزمني كلام أحد.

فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ "،قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقاً،قال:"فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد"، فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ) (المسد:1 - 2).

فكذبوه من أول وهلة، مع أنهم اعترفوا بأنه ما أخبر إلا صدقاً.

- والصحابة من شدة يقينهم كانوا يرون التقصير في مراتب اليقين ربما يُنزلهم إلى شئ من الظن أو الشك أو الوهم، فقد كانوا على يقين بخبر الله ورسوله، وانظر الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أبى عثمان النهدى عن حنظلة الأسيدى قال: - وكان من كتاب رسول الله - لقينى أبو بكر، فقال: كيف أنت يا حنظلة؟، قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله ما تقول؟، قلت: نكون عند رسول الله يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين فإذا خرجنا من عند رسول الله عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا.

فيريد أن يقول: أين اليقين الذي كان يشعر به المرء كأنه يرى الجنة والنار رأي عين؟

نقول: إن الوضع الذي يكون عليه بين أولاده هو علم اليقين، وأما الوضع الذي يكون عليه وهو عند رسول الله وفي الصلاة والذكر هو عين اليقين أو حق اليقين، وهذه مرتبة أعلى، فالمسلم يتقلب بين ثلاث منازل:

o علم اليقين

o عين اليقين

o حق اليقين

ويضربون مثلاً لذلك بالعسل: فمن سمع عن وجود العسل فهو في علم اليقين، فإذا رآه بعينه فقد انتقل إلى عين اليقين، ولما يتذوقه بلسانه ينتقل إلى حق اليقين، وهذه هي الأمثلة التي يضربونها ليفرقوا بين علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين.

فحنظلة ? يتمنى أن يكون في منزلة عين اليقين وحق اليقين.

قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله: وما ذاك؟، قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا. فقال رسول الله: "والذى نفسى بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندى وفى الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفى طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة". ثلاث مرات.

فالمقصود بقوله: "ساعة وساعة" أنه يتقلب بين منازل اليقين: علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، ولكن لا ينزل للظن، فالمسلم لا ينزل إلى الظن أبداً، ومن رحمة الله تعالى أنه جعل هذه المنازل.

وأما عند غلاة الصوفية فيقولون أن العابد الحق الذي وصل إلى فناء الحرية لا بد أن يفنى عن شهود السِّوى، فكأنه لا يرى أحد أمامه سوى الله، فيمكن أن يصطدم بجدار وهو يسير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير