تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة ? قال: صلى رسول الله صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال "بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت: إنا لم نخلق لهذا، إنما خُلقنا للحرث" فقال الناس: سبحان الله بقرة تكلم، فقال: "فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر" وما هما ثمَّ، وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة فطلبه حتى كأنه استنقذها منه، فقال له الذئب هذا "استنقذتها مني فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري"، فقال الناس: سبحان الله ذئب يتكلم، قال: "فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر"، وما هما ثَمَّ.

فبين لهم النبي أن أبا بكر وعمر يصدقان النبي في كل خبر يُخبر به عن الغيبيات.

ما معنى "ضعف اليقين"؟

ضعف اليقين أن يكون الإنسان عنده علم اليقين، ولكنه لم يصل لدرجة عين اليقين ولا حق اليقين، فهو مشغول في الدنيا، فقد يزل ويعصي الله ويُقصر.

إذا صدٌّق الشخص بخبر الله تصديقاً يبلغ حد اليقين فقد حقق الركن الأول في باب الاعتقاد، وهو باب الأخبار، وسنعلم بإذن الله تعالى أن تصديق خبر الله هو الإيمان باعتبار تصديق الأخبار.

الإيمان ركنان: ركن يتعلق بتصديق الأخبار وركن يتعلق بتنفيذ الأوامر، والسبب في أن قضية الإيمان والحكم على الناس بالتكفير أو عدم التكفير قضية شائكة هو أنها لم تتضح عند الناس، فهناك إيمان يتعلق بباب الأخبار، وهناك إيمان يتعلق بباب الأمر.

والإيمان الذي يتعلق بباب الأخبار له ستة أركان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فهذه كلها غيبيات، فنحن لم نر ربنا ولم نر الملائكة ولا الكتب التي نزلت في السماء ولا اللوح المحفوظ، ولم نر الرسل، فالرسل رآهم من عاصروهم، وأما بالنسبة لنا فهم غيبيات، ولم ير أحد منا شيئاً من اليوم الآخر ولا من عذاب القبر ولا نعيمه، وكذلك القدر مكتوب في اللوح المحفوظ لا يعلم أحد عنه شيئاً.

فهذه الأركان الستة هي أركان الإيمان باعتبار تصديق الأخبار، وهذه الأركان مرتبة بدقة، فالرسول ? لما رتبها، رتبها لأنها تحمل سر الحياة، فالحياة كلها تبدأ من الإيمان بالله وتنتهي عند الإيمان بالقدر، كيف؟

أن تؤمن بالله الذي أنزل ملائكته بكتبه على رسله ليحذروا الناس مما سيحدث في اليوم الآخر، فإذا انتهى الناس إلى اليوم الآخر وأصبح فريق في الجنة وفريق في السعير فقد تم قدر الله كما كتبه في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فمضى قدر الله وظهرت حكمة الله في عباده، وعدل الله فيمن عذَّبه، وفضله على من أنعم عليه.

التوحيد الذي يتعلق بتصديق الأخبار له عدة أسماء:

1. توحيد العلم والخبر.

2. توحيد المعرفة والإثبات.

3. توحيد الربوبية والأسماء والصفات.

4. توحيد الوسيلة.

• موقف الصحابة من أمر الله ورسوله.

باب الأمر لا يحتمل الصدق والكذب، فالأمر يتطلب التنفيذ.

فإذا قال رجل لابنه: اسقني ماءً، هل يقول له الابن: "إني أصدقك يا أبي"؟ هل يُعقل هذا؟

إنَّ هذا هو الذي يحدث من الناس، يقال لأحدهم: قم للصلاة، فيقول: "أنا مؤمن، وأعلم أن الله حق وهو الذي خلقني ورزقني، وهو الذي يُحيي ويميت"، نقول: الخبر يتطلب التصديق، والأمر يتطلب التنفيذ، فإن قلت: "لا" في باب الأمر، فأنت مكذب بباب الأمر، وهو الذي عناه النبي بقوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"، فهذا في باب العمل أو تنفيذ الأمر، وأما في باب الخبر فيمكن أن يكون مصدقاً وعلى علم يقين.

قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (48) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (المرسلات:48 - 49) فسماهم الله تعالى مكذبين على اعتبار أنهم ليسوا بصادقين، فلو كان عندهم يقين لقاموا إلى الصلاة، فالذي لا ينفذ أمر الله ويقول بأنه مؤمن كاذب.

الطلب لا يحتمل الصدق أو الكذب ولكن يتطلب التنفيذ، وسنرى ماذا كان يفعل الصحابة مع الأمر.

• قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور:63) والأمر على درجات، فالواجب واجب، والمستحب مستحب والمباح مباح، والأمر بالترك بإلزام هو المحرم، وبلا إلزام فالمكروه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير