تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• روى مسلم من حديث عبادة بن الصامت ? قال: " بايعنا رسول الله ? على السمع والطاعة فى العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف فى الله لومة لائم "

فكانوا يبايعون رسول الله على تنفيذ أمره، وأيضاً على تصديق خبره.

قلنا أن الإيمان في باب الخبر فيه ستة أركان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وأما الإيمان في باب الأمر فله ثلاثة أركان، فتنفيذ الأمر يكون بالقلب واللسان والجوارح، فحتى تؤدي أمر الله يلزم اشتراك القلب واللسان والجوارح، فأي عمل أساسه النية، قال: " إنما الأعمال بالنيات"، فعمل بلا نية لا يُقبل، فالعمل يحتاج النية، والنية محلها القلب، فيجب أن يقوم القلب بوظيفته.

فأركان الإيمان باعتبار تنفيذ الأمر ثلاثة عند أهل السنة، يكون بالقلب وباللسان وبالجوارح، وباب تنفيذ الأمر هو توحيد العبادة أو توحيد الألوهية.

التوحيد الذي يتعلق بتنفيذ الأمر له عدة أسماء:

1. توحيد الألوهية.

2. توحيد العبادة.

3. توحيد القصد والطلب.

4. توحيد الإرادة.

5. توحيد الشرع والقدر.

6. توحيد الغاية.

فهذه هي الأسماء المتعلقة بنوع التوحيد المتعلق بتنفيذ الأمر، فتوحيد العبادة هو طاعة الله بامتثال ما أمر به على ألسنة الرسل، فمن نفَّذ الأمر فقد وحَّد الله في العبادة، لأن ربنا سبحانه وتعالى أمرنا بأن نوحده في العبادة، والعبادة قول جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.

إذاً، ستعود قضايا التوحيد إلى بابين اثنين:

الباب الأول: تصديق الخبر

الباب الثاني: تنفيذ الأمر

فالباب الأول يسمونه الإيمان باعتبار تصديق الأخبار، والباب الثاني يسمونه الإيمان باعتبار تنفيذ الأمر، والإيمان باعتبار تنفيذ الأمر يُطلق عليه مصطلح "الإسلام".

فإذا قيل: ما الفرق بين الإسلام والإيمان؟

قال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) (الحجرات:14)، وقال تعالى: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (الذاريات: 35 – 36)، وفي القاعدة العقائدية: الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، كيف نفهم هذا؟

الإيمان له ركنان، ركن يتعلق بتصديق الأخبار وركن يتعلق بتنفيذ الأمر، فالركن الذي يتعلق بتنفيذ الأمر هو الذي يُطلق عليه الإسلام، وهو الذي ورد في حديث جبريل لما جاء للنبي في صورة أعرابي، قال عمر ?: بينما نحن عند رسول الله ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبى فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرنى عن الإسلام. فقال رسول الله: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" .....

فالشهادة قول اللسان مع عمل القلب، وإقامة الصلاة بالقلب واللسان والجوارح، فالنية محلها القلب، والتكبير يكون باللسان، والركوع والسجود عمل للجوارح، فأداء الصلاة يكون بالأركان الثلاثة وكذا الزكاة وكذا الصيام وكذا الحج.

فهذا هو المقصود بالإسلام.

وقد يأتي الإسلام بمعنى الإيمان في باب الأمر، فمن نفَّذ أمر الله المفروض أن يُصدق خبر الله، ولذلك يقال: توحيد العبادة يدل على توحيد الربوبية بالتضمن، فطالما أنه وحَّد الله في العبادة، وعبد الله وسجد له فقد صدَّق أنه الإله الحق، وأنه الرب سبحانه وتعالى من فوق عرشه، وأن له العظمة في اسمه ووصفه، ولكن من صدَّق أن الله هو الحق وصدَّق بخبر الله قد يُنفَِّذ وقد لا يُنفِّذ.

ولذلك نقول: قد يأتي الإسلام بمعنى الإيمان في باب الأمر، ولكن يُطلق الإيمان اصطلاحاً على باب الأخبار: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره،وسيأتي شرح هذا الكلام كله بالتفصيل إن شاء الله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير