وطاعة الله ورسوله تؤدي إلى البركة، فهذا ابتلاء، والله سبحانه وتعالى قادر على أن يرزق ما يشاء ما يشاء من ألوان النعيم، وهذا هو مصير أهل الطاعة في الجنة، قال تعالى: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) (ق:35)
فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: "يا أبا هر"، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: "خذ فأعطهم"، قال: فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح.
فشرب كل هذا العدد، إذاً ليست المشكلة عندنا اقتصادية، ولكن القضية في طاعة الله ورسوله.
حتى انتهيت إلى النبي وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم، فقال: "أبا هر"، قلت: لبيك يا رسول الله، قال "بقيت أنا وأنت". قلت: صدقت يا رسول الله، قال: " اقعد فاشرب"، فقعدت فشربت، فقال: "اشرب"، فشربت، فما زال يقول: "اشرب"، حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا، قال: "فأرني". فأعطيته القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة.
• روى الإمام مالك في موطأه من حديث ابن أبي مليكة: أن عمر بن الخطاب ? مر بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت فقال لها: يا أمة الله لا تؤذي الناس لو جلست في بيتك، فجلست فمر بها رجل بعد ذلك فقال لها: إن الذي كان قد نهاك قد مات فاخرجي،فقالت: ما كنت لأطيعه حياً وأعصيه ميتاً.
وقد أمرها عمر ? بذلك طاعة لله، وحرصاً على المسلمين، فهو أمير المؤمنين، ويلزم الناس السمع والطاعة له، فهي جلست في بيتها طاعة لله وليس طاعة لعمر، لأنه لو أمرها بمعصية الله فلن تطيعه، ففي طاعتها لعمر طاعة لرب عمر، فما بالك بالأمر الذي أمر به رب عمر ورسول الله بالنسبة لهؤلاء؟
• ما معنى الإيمان في حديث سفيان؟
روى مسلم من حديث سفيان بن عبد الله الثقفي: قلت يا رسول الله قل لى فى الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك - وفى حديث أبى أسامة غيرك - قال "قل آمنت بالله فاستقم".
فقل: "آمنت بالله "، إن كان خبراً صدقه، وإن كان أمراً نفِّذه، واستقم على ذلك إلى يوم أن تموت، وهذه هي العقيدة بمنتهى السهولة، دون زيادة ولا كلام كثير، وإنما نبحث عن هذه الأمور التي سنتكلم فيها من أجل الحفاظ على هذه العقيدة، بل إن كل السلف الصالح وكل من جاء بعدهم، وكل ما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى للحفاظ على هذه العقيدة، وكيف يفهم الناس أن الذي عليهم في باب الخبر هو التصديق، والذي عليهم في باب الأمر هو التنفيذ.
فإن قال لك قائل: ما هذه التقسيمات التي تتحدثون عنها، توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية وتوحيد أسماء وصفات، من أين أتيتم بها؟
نقول: هل تتفق معي أن تصدق خبر الله وأن تنفذ أمره؟
سيقول: نعم، أتفق معك على هذا.
نقول: الله يقول: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه:5)
يقول: لا، لو كان على العرش لكان محمولاً، فالآية ظاهرها مستحيل و ...
نقول: الله على العرش، ولكننا لا نعلم كيفية استوائه على العرش، فالله تعالى هو الذي يعلم الكيفية، فنحن لم نره ولم نر له مثيلاً، فالله تعالى يقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشوري:11)، وسوف نتحدث عن ذلك في بيان قواعد مذهب السلف حتى نوضح الفطرة السليمة التي تتمثل في فهم أصحاب محمد بن عبد الله لقضايا العقيدة، فالخبر يُصدَّق والأمر يُنفَّذ.
وابن تيمية رحمه الله تعالى في أول الرسالة التدمرية والتي هي من أصعب ما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مسألة الأسماء والصفات يقول: "الكلام فى باب التوحيد والصفات هو من باب الخبر الدائر بين النفى والإثبات، والكلام فى الشرع والقدر هو من باب الطلب والإرادة الدائر بين الإرادة والمحبة وبين الكراهة والبغض نفياً وإثباتاً "
يعني: هل ستنفذ مراد الله وتطيع أمره أم أنك ستقول بأنك تكره هذا الكلام ولا تحبه؟، فتنفيذ الأمر يجب أن يكون عن محبة، فالعبادة هي طاعة الله عن محبة، قال تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (الإنسان:8).
¥