تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال سبحانه وتعالى هنا " وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ " " الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ " اسمان لاستغراق الزمان، استغراق الزمان كله من مبتدئه إلى منتهاه، فلو تُصُوِّر أن للزمان ابتداء فالله جل وعلا (أول) هو قبل ذلك، ولو تُصُوِّر أن للزمان انتهاء فإن الله جل وعلا (آخر) أي بعد ذلك، فإذن الزمان مستغرق في هذين الاسمين" الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ " واسم الله " الْأَوَّلُ " واسم الله " َالْآخِرُ " دلالتهما أكثر وأعظم من دلالة الزمان، يعني أن الزمان جميعا لو تُصُوِّر له ابتداء وله انتهاء فإن هذين الاسمين لله تبارك وتعالى تسع ذلك الزمان كله وغيره، يعني أن الزمان لو تُصُوِّر أنه موجود بكماله ـ زمان لا بداية له وزمان لا نهاية له ـ فالله جل وعلا ليس قبله شيء والله جل وعلا ليس بعده شيء لا الزمان ولا غيره.

قال سبحانه وتعالى هنا " وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ " وهذان اسمان لعلو الله وفوقيته، فـ " َالظَّاهِرُ " كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " أنت الظاهر فليس فوقك شيء " والمراد بالظهور هنا (العلو) و (الفوقية) كما فسره عليه الصلاة والسلام، و (علوه) جل وعلا و (فوقيته) الذاتية هي معنى كونه جل وعلا ظاهرا " الظاهر فليس فوقك شيء " يعني " الظَّاهِرُ " بذاته، لأن معنى (ظهر على الشيء): علا عليه، كما قال سبحانه " فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا " " فما استطاعوا أن يظهروه " يعني أن يعلوا على السُّد الذي جُعل بين يأجوج ومأجوج وغيرهم.

قال هنا " وَالظَّاهِرُ " فإذن الظهور هنا هو كونه جل وعلا فوق كل شيء يعني بذلك (علو الذات) (فوقية الذات) وأنه جل وعلا مستو على عرشه فوق خلقه أجمعين، وليس المراد بالظهور هنا ظهور أثر الصنعة، " الظَّاهِرُ " يعني الذي ظهرت آثار صنعته ودلت الأشياء عليه كما قال الشاعر:

وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد

ليس المراد ذلك، بل الظهور هنا كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " فليس فوقك شيء " ويحتمل أن يكون في معنى الظهور على الصفات، لأن اسم " الظَّاهِرُ " اسم فاعل (ظاهر) دخلت عليه الألف واللام فدخول الألف واللام على أسماء الفاعلين يدل على عموم ما اشتمل عليه الاسم ـ اسم الفاعل ـ من المصدر، واسم الفاعل (ظاهر) اشتمل على مصدر وهو الظهور، و (الظهور) بمعنى (الفوقية) يكون (فوقية ذات وفوقية صفات) يعني أن يكون (الظهور): (ظهور ذات) كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون أيضا مشتملا على (ظهور الصفات) يعني على أن صفاته جل وعلا فوق كل الصفات لأن العلو كما ذكرت لكم سابقا والفوقية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

- علو الذات وفوقية الذات.

- وعلو القدر وفوقية القدر.

- وعلو القهر وفوقية قهر.

ومن أهل السنة أي من العلماء من يقول: العلو قسمان، يعني هذا تقسيم والمعنى واحد.

منهم من يقول: العلو قسمان والفوقية قسمان:

- علو الصفات.

- وعلو الذات.

وعلو الصفات يدخل فيها جميع أنواع الصفات والتي منها (القدر) و (القهر) والتوفيق بين القولين أن مَن قال من أهل السنة وهم الأكثر يعني خصوا العلو والفوقية بالثلاثة أقسام هذه ـ فوقية الذات وفوقية القدر وفوقية القهر ـ أن (القدر) و (القهر) هؤلاء قد نازع فيهما ـ يعني هذان المصدران وهاتان الصفتان ـ نازع فيها أهل البدع، فقال طائفة من أهل البدع: نقول بفوقية القدر والقهر دون غيرها من الفوقيات ودون غيرها من أنواع العلو، أما علو سائر الصفات فهذا متفق عليه، وهم لما نصوا على إثبات هذين دون إثبات علو الذات وفوقية الذات احتاج أهل السنة إلى أن يقسموا الفوقية إلى هذه الثلاث وهي:

- فوقية وعلو الذات.

- وفوقية وعلو القدر.

- وفوقية وعلو القهر.

باعتبار أن المبتدعة أثبتوا علو القدر وعلو القهر ونفوا علو الذات، وإلا فإننا نقول إن صفات الله جل وعلا كلَّها عُلا، له الصفات العلا، كما أن له الأسماء الحسنى، فكل صفاته هي العليا جل وعلا، فإذن العلو يُقسم إلى: علو ذات وعلو صفات، ويقسم أيضا: علو ذات وعلو قدر وعلو قهر. الثاني هذا علو الذات وعلو القهر والقدر هو الأكثر في كتب أهل السنة مراعاه لحال المبتدعة في نفيهم لذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير