تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن التزموا بأنه فعل ذلك لـ"أن ظاهره باطل"!! وهو يعتقد التأويل -بأحد قسميه- ويلتزم صرف ظاهر النص عند العوام أو غيرهم لئلا يفتنوا!! لكان هذا قول ظاهر البطلان، فلو كان الأمر حقاً على ما يقولون لكان النهي عن التحديث بحديث الضحك وحديث النزول وحديث الجارية ومسح اليمين إلخ أولى وأحرى بمراحل من النهي عن التحديث بحديث اهتزاز العرش لمعاذ رضي الله عنه!!!

بل يلزم نهي الناس عن قراءة القرآن لما فيه من آيات الصفات التي هي أقرب لما ينكرونه من حديث معاذ!!

وقد وصل الحال بابن الحاج في المدخل في فهمه للأثر -المشار إليه في أصل الموضوع- حتى أنه قال: ((فكيف يقرأ ذلك على رءوس العوام والنساء حضور يسمعن فالغالب والحالة هذه أنهم يدخلون وهم مؤمنون فيخرجون وهم مفتتنون!! ... [و] إن كان ولا بد من ذكر الأحاديث التي توقع في القلب معنى من التشبيه!!! فلا بد من شيخ عارف عالم بالسنة ومعاني ما احتوى عليه كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون مع ذلك جهير الصوت يسمعه القريب والبعيد فيحل مشكلها ويبين معناها))!!!

فأين يا ترى كلام مالك رحمه الله في تأويل الأحاديث التي موطأه التي كان يقرأها كل عمره!!؟؟؟ ولم لم ينهى عن روايتها إلا مقرونة بنفي ظواهرها!؟

يقول ابن حجر في الفتح-عن الشاملة- رداً على ابن رشد الجد: ((والذي يظهر أن مالكا ما نهى عنه لهذا إذ لو خشي من هذا لما اسند في الموطأ حديث "ينزل الله إلى سماء الدنيا"!! لأنه "أصرح" في الحركة من اهتزاز العرش ...

ويحتمل الفرق بأن حديث سعد ما ثبت عنده فأمر بالكف عن التحدث به بخلاف حديث النزول فإنه ثابت فرواه ووكل أمره إلى فهم أولي العلم الذين يسمعون في القران استوى على العرش ونحو ذلك)) تأمل إحالته لما ورد في القرآن في لفتة مهمة لما أشرنا له سابقاً.

والحاصل أن توهم التشبيه-كما زعموا- متحقق في الأحاديث التي رواها مالك بل هو أصرح فيها من هذا الحديث، ومع هذا رواها مالك ولم يتكلم بإبطال ظاهرها المزعوم هذا بشيء!! بل تكلم بتأكيد ظاهرها الباطل عندهم فقال: ((الله في السماء وعلمه في كل مكان)) وغير ذلك، فظهر لكل منصف أن سبب الإنكار ليس هو مجرد توهم التشبيه ولكن سبب إنكاره هو ما نبينه في الوجه الأخير من هذا الرد وهو:

الوجه الثامن:

وهو أن مالكاً رحمه الله إنما نهى عن التحديث بها لأنها لم تثبت عنده-رد الكثيري ص104 - وهو قول:

1 - ابن القاسم تلميذه حيث قال: ((وكان مالك يعظم أن يحدث أحد بهذه الأحاديث التي فيها "أن الله خلق آدم على صورته" وضعفها)) أصول السنة ص75 والبيان والتحصيل16/ 400

2 - أبو بكر الأبهري المالكي في شرح جامع ابن عبد الحكم ص162 حيث قال: ((إنما كره أن نتحدث بهذه الأشياء من قبيل أنها ليست صحيحة الإسناد عنده، ولا يجوز أن تضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحدث عنه ما ليس بصحيح الرواية عنه)) وذكر وجهاَ آخر باطل.

3 - الذهبي في السير حيث قال ما نصه: ((أنكر الإمام ذلك، لأنه لم يثبت عنده، ولا اتصل به، فهو معذور، كما أن صاحبي " الصحيحين " معذوران في إخراج ذلك))

4 - الحافظ ابن حجر قال فيما ذكرناه آنفا في حديث اهتزاز العرش: ((حديث سعد ما ثبت عنده فأمر بالكف عن التحدث به))

ولنهيه عن التحديث تفسير آخر: وهو أنه إنما نهى أن يتحدث بهذه النصوص لمن يفتنه ذلك ولا يحتمله عقله فهو:

# ليس نهياً عاماً عن التحديث بها.

# ولا فعل ذلك لأنه يرى ظاهرها باطلاً ينبغي تأويله.

بل نهى عن التحديث بها لمن يفتنه الحديث فيكذب بحق أو يصدق بباطل، فيعتقد اعتقاداً فاسداً أو يرد اعتقاداً صحيحاً وهو قول:

1 - شيخ الإسلام ابن تيميه حيث قال في جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية ص158 ما نصه:

((كان في السلف من يترك روايته-يعني حديث الصورة- فإن مالكاً روي عنه أنه لما بلغه أن محمد بن عجلان حدث به كره ذلك، وقال: إنما هو صاحب أمراء .. [و] إنما كره مالك ذلك لأن العلم الذي قد يكون فتنة للمستمع لا ينبغي للعالم أن يحدثه به لأنه مضرة بل فتنة وأن يكون بلغه لمن لا يفتتن به، لوجوب تبليغ العلم ولئلا يكتم ما أنزل الله من البينات والهدى ... [وذكر آثاراً في هذا منها] ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير