تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحدها: عموم الآيات القاضية بأن من مات كافراً فهو في النار، كقول الله - تعالى -: (ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً)، وقوله - تعالى -: (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به)، وقوله - تعالى -: (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون، وقوله - تعالى -: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).

والجواب: أن هذه العمومات مخصوصة بقول الله - تعالى -: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) وبغير ذلك مما يأتي بيانه - إن شاء الله -.

الثاني: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند مسلم مرفوعاً: " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها، فأذن لي "، فلو لم تكن من أهل النار لأذن له.

والجواب: أن منع الاستغفار لكونها مشركة، ولا نزاع في أنها مشركة، لكن النزاع في مصير مشركي أهل الفترة.

الثالث: حديث أنس عند مسلم: أن رجلاً قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: " في النار "، فلما قفا دعاه، فقال: " إن أبي وأباك في النار"، ففي هذا الحديث تصريح بأن كافر أهل الفترة في النار.

الجواب: أن الحديث متناول لاثنين فقط، فيحتمل أنهما حصل لهما اطلاع على دعوة نبي سابق خارج الجزيرة أو في أطرافها، ولا يبعد ذلك عمن عرف بالرحلة للتجارة أو لغير ذلك، وأما ما عدا هما من مشركي أهل الفترة فباقون على حكم قول الله -تعالى -" (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)

القول الثاني: أنه ناج وهو قول جمهور السلف، الأئمة الأربعة وغيرهم وأبي الحسن الأشعري وأصحابه، وابن تيمية، وابن القيم، وابن كثير، وابن حجر، وغيرهم، واحتجوا لقولهم بأمرين:

أحدها: عموم الآيات الدالة على أن ا لله لا يعذب أحداً قبل ورود الرسل، كقوله - تعالى -: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)، وقوله - تعالى -: (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)، وقوله - تعالى -: (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير)، وقوله - تعالى -: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا)، وقوله - تعالى -: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير)

الثاني: حديث سعد بن عبادة في الصحيحين مرفوعاً: " ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين "

ثم إن هؤلاء القائلين بنجاتهم مختلفون هل يدخلون الجنة أو يمتحنون في عرصات القيامة، فيؤجج لهم نار، فيؤمرون بدخولها، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن لم يدخلها فقد عصى الله، فيدخله الله فيها؟

وسبب خلافهم حديث الأسود بن سريع عند أحمد مرفوعاً: " أربعة يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة " فأما الأصم فيقول: ربي لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، وما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعُنه، فيرسل إليهم: أن ادخلوا النار " قال: فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً ".

فلو ثبت هذا الحديث لكان فاصلا في النزاع الأول والنزاع الثاني، ولكنه معتل المتن والإسناد، أما اعتلال المتن فهو أن فيه تكليفاً بالمحال، وهو دخول النار، والله - سبحانه - لا يكلف نفساً إلا وسعها، وأما اعتلال الإسناد فهو الاختلاف على معاذ بن هشام، فقد رواه مرة عن أبيه عن قتادة، عن الأحنف، عن الأسود بن سريع ومرة عن أبيه، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة وكلتا الروايتين عند أحمد، وعلى التسليم بعدم الاختلاف فإن قتادة والحسن ثقتان مدلسان وقد عنعنا في روايتهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير