فصل: وإذا كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن , أو كانا في سفينتين مفترقتين , ففيه وجهان: أحدهما , لا يصح أن يأتم به , وهو اختيار أصحابنا , ومذهب أبي حنيفة لأن الطريق ليست محلا للصلاة , فأشبه ما يمنع الاتصال. والثاني: يصح , وهو الصحيح عندي , ومذهب مالك والشافعي ; لأنه لا نص في منع ذلك , ولا إجماع ولا هو في معنى ذلك , لأنه لا يمنع الاقتداء , فإن المؤثر في ذلك ما يمنع الرؤية أو سماع الصوت , وليس هذا بواحد منهما , وقولهم: إن بينهما ما ليس بمحل للصلاة , فأشبه ما يمنع. وإن سلمنا ذلك في الطريق فلا يصح في النهر , فإنه تصح الصلاة عليه في السفينة , وإذا كان جامدا , ثم كونه ليس بمحل للصلاة إنما يمنع الصلاة فيه , أما المنع من الاقتداء بالإمام فتحكم محض , لا يلزم المصير إليه , ولا العمل به , ولو كانت صلاة جنازة أو جمعة أو عيد , لم يؤثر ذلك فيها ; لأنها تصح في الطريق , وقد صلى أنس في موت حميد بن عبد الرحمن بصلاة الإمام , وبينهما طريق.)
المسألة الثالثة: حكم كون المأموم أعلى من الإمام.
المسألة الرابعة: هل كان الساتر موجوداً في وقت النبي ?، وهذه نقطع بعدم وجوده للحديث الذي في الصحيح: عن سهل بن سعد قال كان رجال يصلون مع النبي ? عاقدي أزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان ويقال للنساء لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا.
ثم تبقى مسألة متعلقة بهذه المسألة، هل وجد المقتضي، وفقد المانع.
والسؤال ما هو المقتضي لهذا الساتر:
1. عدم اختلاط الرجال بالنساء.
2. منع فتنة الرجال بالنساء.
3. منع رؤية النساء للرجال، وخاصة إذا كان انكشاف العورة ممكنا.
4. ابتعاد الإمام وغالب المصلين عن الأطفال، إذ الأطفال في الغالب مع النساء ووجود هذا الساتر، يمنع من دخولهم على الرجال، كما يجنب الرجال إزعاج الأطفال.
المانع من وجود هذا الساتر:
1. ضيق المسجد النبوي.
2. عدم وجود الأموال اللازمة لبناء هذا الساتر.
أما المقتضيات فإن المقتضي الأول، والثالث، والرابع، كانت موجودة في وقت النبي ?، فإمكان الاختلاط موجود ولهذا كان الرجال يتأخرون في الخروج، (وتبقى مسألة وجود باب النساء، متى، وكيف كان وضعه، فعند أبي داود حدثنا عبد الله بن عمرو وأبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركنا هذا الباب للنساء قال نافع فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات وقال غير عبد الوارث قال عمر وهو أصح حدثنا محمد بن قدامة بن أعين حدثنا إسمعيل عن أيوب عن نافع قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمعناه وهو أصح)، خاصة إذا علمنا بوجود المنافقين في المدينة، وأضيف على ماذكر، من تفسير لقوله تعالى: ولقد علمنا المستقدمين منكم ... ، أن بعض المفسرين فسر قوله تعالى: لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم ... فسر الذين في قلوبهم مرض بالزناة.
وأما رؤية النساء للرجال وخاصة مع إمكانية كشف العورة فهذا موجود هذا ظاهر في الحديث الذي سبق ذكره.
وأما مشكلة الأطفال التي يتذرع بها بعض الإخوة فهي موجودة أيضا ولهذا كان النبي ? يخفف الصلاة عند سماع صياح الطفل، ووضع الأطفال في المسجد النبوي معلوم معروف.
إذن لم يبق عندنا إلا المقتضي الثاني، وهو فتنة النساء للرجال ...
وبنظرة عجلى نعرف أن أوضاع النساء تغيرت ولا يمكن لأحد أن يقول إن النساء اللاتي يشهدن الجماعة الآن كالصحابيات، وهذا المقتضي تنبهت له عائشة رضي الله عنها، ولهذا ذكرت أنه لو شهد النبي ? ما أحدث النساء بعده لمنعهن.
ولهذا يظهر لي أن وضع هذا الساتر يدور مع هذا المقتضي وجودا وعدما، وعلى هذا فلا مانع من وضع هذا الساتر، ولكن لا بد أن يكون الساتر موضوعاً بطريقة لا يوجد فيها مخالفة شرعية.
(يتبع إن شاء الله)
ـ[عبد العزيز الشبل]ــــــــ[24 - 09 - 03, 02:38 ص]ـ
ولننظر الآن للمصليات النسائية هل يوجد فيها موانع شرعية أم لا؟
المصليات التي رأيتها تنقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: ما يكون الساتر فيها بين الرجال والنساء حاجزاً متصلاً بآخر صفوف الرجال المعتادة ويكون مؤقتاً ويمكن من خلاله رؤية النساء للرجال وهو في الغالب حاجز خشبي يكون مخرماً لتتمكن النساء من رؤية الرجال ولا ينظر الرجال إلى النساء،
¥