فقد كثر السؤال في مسألة كفت الثياب في الصلاة , ورأى البعض أن الكفت هو كل جمع للثياب سواء كان ثابتا لايتغير أو كان متغيرا بحيث يجمع ثم يسترسل ثم يجمع مرة أخرى ثم يسترسل وهكذا , ورأى البعض أن الكفت إنما هو جمع الثوب المتغير فقط , واختلفوا أيضا في هل الكفت المنهى عنه يكون قبل الصلاة وأثناء أدائها أم أن المنهى عنه يكون أثناء الصلاة بمعنى جمع الثياب ومنعها من الإسترسال حال الركوع والسجود , ولبيان ذلك أقول وبالله تعالى السداد والتوفيق:
* لقد جاء في النهى عن كف أو كفت الثياب في الصلاة نصوص كثيرة منها:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:"َ أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلَا نَكُفَّ ثَوْبًا وَلَا شَعَرًا" .. [خ .. ك .. الأذان .. 810]
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ" .. [خ .. ك .. الأذان .. 812]
وأخرى أيضا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلَا يَكُفَّ ثَوْبَهُ وَلَا شَعَرَهُ" .. [خ .. ك .. الأذان .. 815]
وأخرى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ وَنُهِيَ أَنْ يَكْفِتَ الشَّعْرَ وَالثِّيَابَ" ... وفي رواية" وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَلَا الشَّعْرَ" ... وفي رواية" وَلَا أَكْفِتَ الشَّعْرَ وَلَا الثِّيَابَ" .... [م .. ك .. الصلاة .. 490]
أولا: معنى كفت الثياب في اللغة:
* في لسان العرب: .. كفت
وكَفَتُّ الشيءَ أَكْفِتُه كَفْتاً إِذا ضَمَمْته إِلى نفسك. وفي الحديث: نُهِينا أَن نَكْفِتَ الثِّيابَ في الصلاة أَي نَضُمَّها ونَجْمَعَها من الانتشار، يريد جمعَ الثَّوْب باليدين، عند الركوع والسجود.
ثانيا: معنى ما جاء في الأحاديث:
*في النهاية في غريب الحديث: .. حرف الكاف مع الفاء .... كفت:
ومنه الحديث (نُهِينا أن نَكْفِتَ الثَّيابَ في الصلاة) أي نَضُمّها ونَجْمَعها، من الانْتِشار، يُريد جَمْع الثَّوب باليَدَين عند الرُّكوع والسُّجود ... {ملحوظة: زيادة "في الصلاة" التى أوردها صاحب النهاية لاأعرف لها أصل ولو ثبتت لانفض الاشكال والله اعلم}
وفيه (أُمِرْت ألاّ أكُفَّ شَعْراً وَلاَ ثَوباً) يَعْني في الصلاة.
يَحْتَمل أن يكون بمَعْنى المَنْع: أي لا أمْنَعُهما من الاسْتِرْسال حالَ السُّجود لِيَقَعَا على الأرض.
ويحتمل أن يكون بمعنى الجَمْع: أي لا يَجْمَعُهما وَيَضُمُّهما.
* وفي تحفة الاحوذى:
عنْ ابنِ عباسٍ قال: "أُمِرَ النبيّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَسْجُدَ على سبعةِ أعظم ولا يَكُفّ شَعْرَهُ وَلاَ ثِيَابَهُ".
قوله: (ولا يكف) أي لا يضم ولا يجمع قوله: (شعره) أي شعر رأسه،
* في فتح البارى:
" ولا نكفت الثياب والشعر، والكفت بمثناة في آخره هو الضم وهو بمعنى الكف.
والمراد أنه لا يجمع ثيابه ولا شعره، وظاهره يقتضي أن النهي عنه في حال الصلاة، وإليه جنح الداودي، وترجم المصنف بعد قليل " باب لا يكف ثوبه في الصلاة " وهي تؤيد ذلك، ورده عياض بأنه خلاف ما عليه الجمهور، فإنهم كرهوا ذلك للمصلي سواء فعله في الصلاة أو قبل أن يدخل فيها، واتفقوا على أنه لا يفسد الصلاة، لكن حكى ابن المنذر عن الحسن وجوب الإعادة، قيل: والحكمة في ذلك أنه إذا رفع ثوبه وشعره عن مباشرة الأرض أشبه المتكبر.
* في شرح مسلم للنووى:
¥