(وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)
(أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) قالها نوح
(أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) قالها هود
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) قالها صالح
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ) قالها شعيب
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً)
(وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ)
(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
2 - من هذا يتضح لنا أن الناس معنيون بهذا الوحي وربما أكثر ممن جاء به من النبيين والرسل. قال تعالى:
(قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)
(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً)
(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنا ً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ)
(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)
وهذه حقيقة الرسول والنبي، فإن الرسول أرسل من جهة لإرسال الرسالة لجهة أخرى، والنبي كذلك أنبأ من جهة لينبأ جهة أخر، وكلا من الرسول والنبي ثبت في حقهم وصف الإرسال بنص القرآن كما في قوله تعالى:
(وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ)
(وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ)
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ... )
والعطف الأصل فيه أنه يقتضي المغايرة.
فمن هاتين النقطتين التين دلت عليهما تلك الآيات وعشرات غيرها لم أذكرها نستطيع أن نصل إلى مفهوم للنبي والرسول مراعيا القدر المشترك بينهما كما دلت عليه تلك الآيات [مع مراعاة أن مفهوم النبي أعم من مفهوم الرسول فكل رسل نبي].
فالنبي أو الرسول: هو الإنسان الذي اصطفاه الله بتبليغ ما شاء الله أن يبلغه إلى من شاء من عباده، مؤيدا له بما يكفي من الأدلة الدالة على صدقه.
فهذا القدر على أقل تقدير مشترك ما بين النبي والرسول.
أما أوجه الفرق ما بينهما فمن أشهر الأقوال فيما أعلم – وإن كان ممكن أن يَرِد على بعضها بعض الاعتراضات -:
1 - أن الرسول يأتي بشريعة جديدة، بينما النبي يبعث بشريعة نبي سابق.
2 - أن الرسول يبعث في قوم يكفرون بنبوته ابتداء، أما النبي فإنه يبعث في قوم يؤمنون بنبوته ابتداء.
وقد يؤيد ذلك أن أغلب الأنبياء يولدون من نسل رسل أو أنبياء مباشرين، بخلاف أولي العزم من الرسل فإن أغلبهم لا يولدون من نسل أنبياء مباشرين [كنوح وإبراهيم وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام] والله أعلم.
¥