تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في استدلال بعضهم بقوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته} على وجوب التجويد عند تلاوة القرآن:

وإنما أتي الجميع من جهلهم بأقوال المفسرين القدوة، واعتمادهم على أنفسهم وفكرهم وهواهم، واتباع كل ناعق في القول على الله بغير علم.

أما المفسرون القدوة في القرون المفضلة فمنهم من قال بأن المقصود بهم من آمن من اليهود والنصارى (قتادة، واختاره ابن جرير رحمهما الله)، ومنهم من قال بأن المقصود بهم من إذا مرّ بذكر الجنة سأل الله الجنة وإذا مرّ بذكر النار تعوّذ بالله من النار (عمر رضي الله عنه)، ومنهم من قال بأن المقصود بهم: من يُحل حلاله ويحرّم حرامه ولا يحرف الكلم عن مواضعه (ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم)، ومنهم من قال: يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه (الحسن البصري رحمه الله)، وليس منهم من قال بأنهم المتفيهقون بالتجويد، وإنما أوتوا من قبل تصديقهم – دون تثبت – قول الناظم: (والأخذ بالتجويد حتم لازم).

وقد سئل ابن باز رحمه الله (وهو من نوادر من اهتم بمعرفة التجويد من علمائنا الأوائل)، عن دعوى مُدرِّس للتجويد: أن التجويد العملي واجب على كل مسلم ومسلمة مستدلاً بقوله الله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلاً}، فأجاب بتاريخ 13/ 11/1415هـ بقوله:

"لا أعلم دليلاً شرعياً يدل على وجوب الالتزام بأحكام التجويد، أما قوله الله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}، فهو يدل على شرعية التمهل بالقراءة وعدم العجلة، ويؤيده قول الله تعالى: {ورتلناه ترتيلا}.

وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن رأيه في تعلم التجويد والالتزام به فأجاب: .... "لا أدري وجوب الالتزام بأحكام التجويد التي فصلت بكتب التجويد، وإنما أرى أنها من باب تحسين القراءة، وباب التحسين غير باب الإلزام .. وليعلم أن القول بالوجوب يحتاج إلى دليل تبرأ به الذمة أمام الله عز وجل في إلزام عباده بما لا دليل على إلزامهم به من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله ? أو إجماع المسلمين، وقد ذكر شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في جواب له: أن التجويد حسب القواعد المفصلة في كتب التجويد غير واجب، وقد اطلعت على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حول حكم التجويد قال فيه: (ص50ج16): من مجموع ابن قاسم رحمه الله للفتاوى: ولا يجعل همه فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن إما بالوسوسة في خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها وإمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط، وغير ذلك؛ فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه".

قلت: وقد كرر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذه الفتيا عدة مرات في "نور على الدرب – إذاعة القرآن الكريم من الرياض"، فهو لا يرى وجوب الإلتزام بغير الرسم العثماني والإعراب المألوف وكلاهما لازم لتدبر كلام الله تعالى، ولا أرى وجهاً لتحسين القراءة بالإشمام في (تأمنّ)، والإمالة في (مجراها)، والسكتة اللطيفة في (من راق)، ونحوها، ولا في القلقلة الكبرى، ولا في التفريق بين المد المتصل والمنفصل (وجوباً أو جوازاً)، بل كل ذلك ونحوه كما نقل عن ابن تيمية رحمه الله: "حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه"، بل هو في رأيي تعسير لما يسره الله من كلماته لذكره. وقال بمثل قول ابن تيمية سلفه ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" وخلفه ابن القيم في "إغاثة اللهفان" رحمهم الله جميعاً. ونقل عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كراهته للإدغام والسكتات عند حمزة رحمه الله، وعن غيره كراهة الترقيق.

وقال بعض طلبة العلم المتأخرين من المأخوذين باصطلاح الوسطية الجديد بأن الإلتزام بأحكام التجويد المحدثة غير واجب بل هو نافلة، ولم يأتوا بدليل شرعي واحد على مشروعية هذه الحكام جملة ولا تفصيلاً، ولا يجوز أن يحكم بالوجوب ولا بالنفل ولا بالجواز ولا بالإباحة في شيء مما يتعبد لله به بغير دليل صريح صحيح، قال الله تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير