تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صفته، وصفاته منه، ولا نتعدى القرآن والحديث، فنقول كما قال، ونصفه كما وصف نفسه، ولا نتعدى ذلك، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت). وهو كلام غني عن التوضيح، راوح فيه – رحمه الله – بين تقرير الإثبات ودفع التشبيه والتعطيل. ومما يبين أن الأصل إرادة المعنى اللائق قوله: (ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت) فهو مشعر بإرادة المعنى، ألا أن المنحرفين عطلوا صفاته لما سبق إلى أذهانهم من لوثة التشبيه، فاستشنعوا الإثبات، وفروا إلى التعطيل ثم إلى التحريف. وأما أهل الحق فأبقوا النص على دلالته مع اصطحاب التنزيه، والحمد لله على العصمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في بيان الشبهة في هذه العبارة وتوجيهها الوجهة الصحيحة: (والمنتسبون إلى السنّة من الحنابلة وغيرهم، الذين جعلوا لفظ (التأويل) يعم القسمين، يتمسكون بما يجدونه في كلام الأئمة في المتشابه، مثل قول أحمد في رواية حنبل: "ولا كيف ولا معنى" ظنوا أن مراده أنا لا نعرف معناها. وكلام أحمد صريح بخلاف هذا في غير موضع، وقد بين أنه إنما ينكر تأويلات الجهمية ونحوهم الذين يتأولون القرآن على غير تأويله، وصنف كتابه في "الرد على الزنادقة والجهمية فيما أنكرته من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله"، فأنكر عليهم تأويل القرآن على غير مراد الله ورسوله، وهم إذا تأولوه يقولون: معنى هذه الآية كذا. والمكيفون يثبتون كيفية، يقولون إنهم علموا كيفية ما أخبر به من صفات الرب. فنفى أحمد قول هؤلاء، وقول هؤلاء. قول المكيفة الذين يدعون أنهم علموا الكيفية، وقول المحرفة الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، ويقولون معناه كذا وكذا).

==============

ثالثاً: نفي التفسير عن النصوص:

ورد عن السلف نصوصٌ كثيرة في منع تفسير نصوص الصفات والاقتصار على القراءة، وأن قراءتها تفسيرها. فمن ذلك:

1 - ما رواه اللالكائي عن محمد بن الحسن – رحمه الله – قال: (اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب – عز وجل – من غير تغيير ولا وصفٍ ولا تشبيه. فمن فسر اليوم شيئاً من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وفارق الجماعة. فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا، ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنّة ثم سكتوا. فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة لأنه قد وصفه بصفة لا شيء).

2 - وفي رواية له عنه: (إن هذه الأحاديث قد روتها الثقات، فنحن نرويها ونؤمن بها ولا نفسرها) .....

فهذه جملة من الآثار عن أئمة السلف المتقدمين والمتأخرين في منع التفسير والنهي عنه والاقتصار على القراءة في الدلالة على التفسير، فتوهم المفوضة وأوهموا أن مرادهم بذلك سد باب العلم بالله تعالى وفهم مراده. والحق الذي

لا مرية فيه أن السلف أرادوا بـ "التفسير" في هذه الآثار أحد معنيين: التحريف المعنوي بالتفاسير المبتدعة التي ادعاها الجهمية وفروخهم. أو التكييف الذي يحاول أهل التمثيل. والأدلة على ذلك كثيرة منها:

أولاً: بيان هؤلاء الأئمة الأعلام للتفسير الممنوع بما روي عنهم من روايات مبينة لما أجملوه، فمن ذلك:

- ما رواه الدارقطني عن أبي عبيد – رحمه الله – بلفظ: (هذه أحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق

لا شك فيه، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه، وكيف ضحك؟ قلنا: لا يفسر هذا، ولا سمعنا أحداً يفسره). فهذا صريح بمراده – رحمه الله – ينفي التفسير أو منعه، وأن المقصود ما تضمن ذكر الكيفية.

- وما رواه الدارقطني – أيضاً – عن سفيان بن عيينة – رحمه الله – قال: (كل ما وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره، لا كيف ولا مثل). فقوله

– رحمه الله -: لا كيف ولا مثل احترازٌ من التفسير الباطل الذي يتعدى ما دل عليه ظاهر القراءة.

ثانياً: أن السلف استعملوا هذا التعبير (منع التفسير) في غير باب الأسماء والصفات من أبواب الدين، مريدين بذلك منع التفسير المذموم الصارف للنصف عن ظاهره قطعاً، وليس تفويض النصر والجهالة بدلالته. فمن ذلك:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير