تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- ما جاء في رسالة السنة برواية عبدوس بن مالك العطار عن الإمام أحمد، وفيها: (وهذه الأحاديث التي جاءت: "ثلاث من كن فيه فهو منافق" هذا على التغليظ، نرويها كما جاءت ولا نفسرها. وقوله: "لا ترجعوا بعدي كفاراً ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض)، ومثل: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)، ومثل (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، ومثل: (من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما)، ومثل: (كفر بالله تبرؤ من نسب

وإن دق)، ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ، فإنا نسلم له وإن لم يعلم تفسيرها. ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا مثل ما جاءت، ولا نردها إلا بالحق منها).

- وروى اللالكائي مثل ذلك – بحروفه – عن علي بن المديني

– رحمه الله -.

- ومما لا شك فيه أن السلف – رحمهم الله – فهموا من نصوص الوعد والوعيد معاني معلومة، ولم يكن مذهبهم – قطعاً – نفوض معانيها إلى الله، وإنما قصدوا بمنع تفسيرها ما ذهبت إليه المرجئة والوعيدية – الخوارج والمعتزلة – من المحامل الباطلة، والمعاني المبتدعة المخالفة لفهم الصحابة والتابعين. فذلك التفسير الممنوع. وهكذا يُقال في الصفات.

ثالثاً: ما ورد عن السلف من إثبات "التفسير" الحق في نصوص الصفات:

1 - فمن ذلك ما قاله أحمد – رحمه الله – كما في رسالة السنة برواية عبدوس بن مالك: (ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كفي ذلك وأحكم له، فعليه الإيمان به والتسليم له، مثل حديث الصادق المصدوق، ومثل ما كان مثله في القدر، ومثل أحاديث الرؤية كلها ... )، فهذا نصٌّ في إثبات التفسير الذي هو بيان المعنى من الناحية اللغوية، وإشعار بأنه قد يشتبه على بعض الناس اشتباهاً إضافياً، أما من حيث الجملة فهو محكم معلوم المعنى، ولا يمكن أن يكون مجهولاً لدى كافة الأمة.

3 - وقد أسس الإمام عثمان بن سعيد الدارمي – رحمه الله – كتابه الفذ في الرد على بشر بن غياث المريسي على نقض (تفاسير المضل المريسي) ومقابلتها بالتفاسير الصادقة المأثروة.

- ومن أمثلة ذلك قوله: في باب النزول: (ومن يلتفت إلى تفسيرك وتفسير صاحبك مع تفسير نبي الرحمة ورسول رب العزة إذ فسر نزوله مشروحاً منصوصاً ... ) ...

فهذه النصوص تدل دلالة واضحة على إثبات السلف للتفسير، وأن التفسير الممنوع هو التحريف الذي تقوله الجهمية على الله بغير علم.

===============

رابعاً: السكوت:

أثر عن بعض السلف السكوت في نصوص الصفات. فمن ذلك:

1 - ما رواه اللالكائي بسنده عن أبي عبيد، القاسم بن سلام – رحمه الله – وقد سأل عن أحاديث الصفات قال: (ما أدركنا أحداً يفسر منها شيئاً، ونحن

لا نفسر منها شيئاً، نصدق بها ونسكت).

2 - وما رواه أيضاً عن محمد بن الحسن – كما تقدم – وفيه: (فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا، ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا).

وقد زعم المفوضة، أو من رأى أن التفويض هو منهج السلف أن هذه النصوص دالة على عدم إثبات السلف لمعاني النصوص وانكفافهم عن بيان مراد الله بها!

إن في الآثار السابقة المروية عن السلف في السكوت ما يبين حقيقة مرادهم بذلك. فإن السكوت الذي دعوا إليه ليس "السكوت المطلق" الذي يدعيه أهل التجهيل، بل هو سكوت مقيد بأمرين:

أحدهما: أنه سكوت بعد التصديق بالنص، والإفتاء بما دل عليه. كما دل عليه قول أبي عبيد: (نصدق بها ونسكت)، وقول محمد بن الحسن: (ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنّة ثم سكتوا).

الثاني: أنه سكوت عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان من مقالات أهل البدع وتفسيراتهم الضالة المنحرفة. كما دل عليه قول أبي عبيد:

(ما أدركنا أحداً يفسر منها شيئاً، ونحن لا نفسر منها شيئاً)، وقول الإمام مالك: (أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان).

فتبين – بحمد الله – موافقة هذه الآثار لبقية الآثار المروية عن السلف وتناسبها وانسجامها. فالبيان متحقق، والإعراض عن الأقوال المبتدعة هو أنجع وسيلة لإماتتها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير