معنى (تردّد الله) الوارد في حديث البخاري لشيخ الإسلام
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[02 - 09 - 02, 07:36 ص]ـ
وسئل شيخ الإسلام عن قوله (صلى الله عليه وسلم) فيما يروي عن ربه عز وجل: "وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته". ما معنى تردد الله؟
فأجاب: هذا حديث شريف، قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء وقد رد هذا الكلام طائفة وقالوا: إن الله لا يوصف بالتردد وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور، والله أعلم بالعواقب.
وربما قال بعضهم: إن الله يعامل معاملة المتردد.
والتحقيق: أن كلام رسوله حق وليس أحد أعلم بالله من رسوله ولا أنصح للأمة منه ولا أفصح ولا أحسن بيانا منه، فإذا كان كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس وأجهلهم وأسوئهم أدبا، بل يجب تأديبه وتعزيره ويجب أن يصان كلام رسول (صلى الله عليه وسلم) عن الظنون الباطلة، والاعتقادات الفاسدة.
ولكن المتردد منا وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ثم هذا باطل، فإن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد فيريد الفعل لما فيه من المصلحة ويكرهه لما فيه من المفسدة، لا لجهله منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه ويكره من وجه كما قيل: الشيب كره وكره أن أفارقه فاعجب لشيء على البغضاء محبوب.
وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب وفي الصحيح: "حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره" وقال تعالى:"كتب عليكم القتال وهو كره لكم" الآية. ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث فإنه قال: "لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه". فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبا للحق محبا له يتقرب إليه أولا بالفرائض وهو يحبها ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة بحيث يحب ما يحبه محبوبه ويكره ما يكرهه محبوبه، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه.
والله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت فكل ما قضى به فهو يريده ولا بد منه فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده، وهي المساءة التي تحصل له بالموت فصار الموت مرادا للحق من وجه مكروها له من وجه وهذا حقيقة التردد وهو: أن يكون الشيء الواحد مرادا من وجه مكروها من وجه وإن كان لا بد من ترجح أحد الجانبين كما ترجح إرادة الموت لكن مع وجود كراهة مساءة عبده، وليس إرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته.
مجموع الفتاوى 18/ 129.
ـ[عبدالله العتيبي]ــــــــ[02 - 09 - 02, 03:18 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي هيثم على النقل
ـ[هاشم]ــــــــ[02 - 09 - 02, 10:09 م]ـ
السلام عليكم
جزاك الله خير يا شيخ هيثم على نقل هذا التوضيح المقنع.
وبمناسبة موضوع صفات الله , أود طرح سؤال حول صفتين وردتا في الكتاب والسنة .. الاولى في قوله تعالى: * يوم يكشف عن ساق *
وقد قرأت في كتاب للامام القرطبي- نسيت عنوانه وهو يدور حول مرحلة ما بعد الموت - نقل فيه تفسيرا عن علي رضي الله عنه لهذه الاية أنها بمعنى الأمر الجد ثم أتى ببيت من الشعر ليدل على معناها؟
فهل يصح هذا الامر عن علي؟ وهل هذه من ايات الصفات؟ وما هو ضابط ايات الصفات عن غيرها؟
وهناك من فسرها بالحديث التالي * أن الله تعالى يضع قدمه في النار حتى تقول قط قط * فكيف وضح العلماء معنى الاية الكريمة والحديث الشريف؟ وجزاكم الله خير ونفع بكم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 09 - 02, 09:52 م]ـ
قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} ليس صريحاً في نسبة صفة الساق لله عز وجل، كما ذكر شيخ الإسلام. وقد روي تفسيرها بالأمر الشديد عن ابن عباس ومجاهد، والله أعلم بصحته.
والذين أثبتوا أنها صفة لله عز وجل اعتمدوا على حديث "يكشف عن ساقه". والبعض حكم على إضافة الهاء إلى الساق بالشذوذ. ولم أقم بتحقيق ذلك حتى الآن.