لا يمل الله حتى تملّوا
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[14 - 09 - 02, 11:50 م]ـ
أخرج البخاري في صحيحه قال حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحي عن هشام قال أخبرني أبي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال: من هذه؟ قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملّوا. وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه.
كيف نوجه هذه الصفة (أي الملل) لله سبحانه وتعالى.
ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[15 - 09 - 02, 02:43 ص]ـ
ورد في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بما تطيقون، فوالله؛ لا يمل الله حتى تملوا)). رواه البخاري (43)، ومسلم (785)
وفي رواية لمسلم: ((فوالله؛ لا يسأم الله حتى تسأموا)).
قال أبو إسحاق الحربي في ((غريب الحديث)) (1/ 338): ((قوله: ((لا يَمَلُّ الله حتى تملوا)): أخبرنا سلمة عن الفراء؛ يقال: مللت أمَلُّ: ضجرت، وقال أبو زيد: ملَّ يَمَلُّ ملالة، وأمللته إملالاً، فكأنَّ المعنى لا يملُّ من ثواب أعمالكم حتى تملُّوا من العمل)) اهـ.
قلت: وهذا ليس تأويلاً، بل تفسير الحديث على ظاهره؛ لأنَّ الذين أوَّلُوه كالنووي في ((رياض الصالحين)) (باب الاقتصاد في العبادة)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (فصل ما جاء في المِلال)؛ قالوا: معنى لا يَمَلُّ الله؛ أي: لا يقطع ثوابه، أو أنه كناية عن تناهي حق الله عليكم في الطاعة.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم في ((الفتاوى والرسائل)) (1/ 209): ((((فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملُّوا)): من نصوص الصفات، وهذا على وجه يليق بالباري، لا نقص فيه؛ كنصوص الاستهزاء والخداع فيما يتبادر)).
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في ((مجموعة دروس وفتاوى الحرم)) (1/ 152): هل نستطيع أن نثبت صفة الملل والهرولة لله تعالى؟ فأجاب: ((جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملوا)).
فمن العلماء من قال: إنَّ هذا دليل على إثبات الملل لله، لكن؛ ملل الله ليس كملل المخلوق؛ إذ إنَّ ملل المخلوق نقص؛ لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا الشيء، أما ملل الله؛ فهو كمال وليس فيه نقص، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها لله على وجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالاً.
ومن العلماء من يقول: إنَّ قوله: ((لا يَمَلُّ حتى تملوا))؛ يراد به بيان أنه مهما عملت من عمل؛ فإنَّ الله يجازيك عليه؛ فاعمل ما بدا لك؛ فإنَّ الله لا يمل من ثوابك حتى تمل من العمل، وعلى هذا، فيكون المراد بالملل لازم الملل.
ومنهم من قال: إنَّ هذا الحديث لا يدل على صفة الملل لله إطلاقاً؛ لأنَّ قول القائل: لا أقوم حتى تقوم؛ لا يستلزم قيام الثاني، وهذا أيضاً: ((لا يمل حتى تملوا))؛ لا يستلزم ثبوت الملل لله عَزَّ وجَلَّ.
وعلى كل حال يجب علينا أن نعتقد أنَّ الله تعالى مُنَزَّه عن كل صفة نقص من الملل وغيره، وإذا ثبت أنَّ هذا الحديث دليل على الملل؛ فالمراد به ملل ليس كملل المخلوق)) اهـ.
ـ[عبدالله العتيبي]ــــــــ[15 - 09 - 02, 05:23 ص]ـ
بورك فيكم جميعا.
وللامام ابن تيمية كلام جميل حوله ينظر
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[15 - 09 - 02, 07:14 ص]ـ
هذا من باب المشاكلة والمقابلة
قال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري (1/ 166) (وسمي المنع من الله مللاوسآمة مقابلة للعبد على ملله وسآمته، كما قال تعالى (نسوا الله فنسيهم) فسمى إهمالهم وتركهم نسينا مقابلة لنسيانهم له هذا أظهر ما قيل في هذا) انتهى
فيكون المعنى إن الله لايمل من الثواب للأعمال حتى يمل المؤمن من العمل فما دام أنه يعمل فالله يكتب له الأجر على عمله وإذا ترك العمل لم يكتب له الأجر
ولاتطلق هذه الصفة لله بدون تقييد
فلا يقال إن الله ملول لأنها بإطلاقها صفة نقص
بل يقال الله يمل ممن يمل منه فتكون صفة كمال
مثل المخادعة والمكر والسخرية يقول تعالى (يخادعون الله وهو خادعهم) ويقول تعالى (ويمكرون ويمكر الله)
فلا يقال الله خادع هكذا مطلقة لأنها صفة نقص بل يقال الله يخدع من يخدعه فتكون صفة كمال
وكذلك المكر لايقال الله ماكر بإطلاق وإنما تقيد بمن يمكر به
فيقال الله يمكر بمن يمكر به ويسخر ممن يسخر منه
والله أعلم
¥