تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قوله هنا و في الحديث " إذا قام من السجدتين " معناه: إذا قام من الركعتين نبه على ذلك الترمذي في جامعه. و قد جاء مصرحاً به في إحدى روايتي البخاري و لفظه: عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يرفع يديه إذا كبر للصلاة حذو منكبيه، و إذا أراد أن يركع، و إذا رفع رأسه من الركوع، و إذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك. و أما حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – فرواه أبو داود في سننه من حديث الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه، و إذا ركع فعل مثل ذلك، و إذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، و إذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك. إسناده صحيح على شرط مسلم.

الرواية الثالثة عن الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – أن الرفع في كل خفض و رفع. ذكرها القاضي و غيره، و هذه الرواية خلاف المشهور عنه و هي أضعف الروايات، و العمل عن أحمد و جماهير الحنابلة، أو جميعهم على خلافها، و من جعلها مذهباً لأحمد فهو جاهل بمذهبه.

و قد تقدم نصه على خلافها في رواية حنبل، و قال أبو داود: قيل له – يعني لأحمد – بين السجدتين أرفع يدي؟ قال: لا. و يحتمل أن أحمد – رحمه الله تعالى – أراد بقوله في كل خفض و رفع الركوع و الرفع منه، و يؤخذ ذلك بما ذكره صاحب المغني عن الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – أنه سئل عن رفع اليدين في الصلاة؟ فقال: في كل خفض و رفع. و قال فيه عن ابن عمر، و أبي حميد أحاديث صحاح انتهى.

فظاهر احتجاجه بأحاديث ابن عمر، و أبي حميد – رضي الله عنهم – يدل على أنه أراد بالخفض و الرفع الركوع و الرفع منه لأن الأحاديث الصحيحة عن ابن عمر و أبي حميد – رضي الله عنهم - إنما جاءت بذلك، و لم تجئ بالرفع في السجود و الرفع منه، و الله أعلم.

التنبيه الثامن

قال المؤلف في حاشية صفحة 101 ما نصه (و وجه مخالفة البعير بوضع اليدين قبل الركبتين هو أن البعير يضع أول ما يضع ركبتيه، و هما في يديه كما في لسان العرب و غيره من كتب اللغة، و ذكر مثله الطحاوي في مشكل الآثار و شرح معاني الآثار، و قد أغرب ابن القيم فقال أنه كلام لا يعقل و لا يعرفه أهل اللغة، و يرد عليه المصادر التي أشرنا إليها فلتراجع) ا. هـ و أقول هذا المنقول عن ابن القيم – رحمه الله تعالى – مقتطع من كلام له في زاد المعاد و لو استوفاه الناقل لكان أولى.

و نص كلام ابن القيم – رحمه الله تعالى -: (و أما ما في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – يرفعه " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، و ليضع يديه قبل ركبتيه " فالحديث – و الله أعلم – قد وقع فيه وهم من بعض الرواة فإن أوله يخالف آخره فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير فإن البعير إنما يضع يديه أولاً، و لما علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا ركبتا البعير في يديه لا في رجليه فهو إذا برك وضع ركبتيه أولاً فهذا هو المنهي عنه. و هو فاسد لوجوه أحدها أن البعير إذا برك فإنه يضع يديه أولاً و تبقى رجلاه قائمتين فإذا نهض فإنه ينهض برجليه أولاً و تبقى يداه على الأرض و هذا هو الذي نهى عنه صلى الله عليه و سلم و فعل خلافه و كان أول ما يقع منه على الأرض منه الأقرب منها فالأقرب، و أول ما يرتفع عن الأرض منه الأعلى فالأعلى، و كان يضع ركبتيه أولاً ثم يديه ثم جبهته، و إذا رفع رفع رأسه أولاً ثم يديه ثم ركبتيه، و هذا عكس فعل البعير، و هو صلى الله عليه و سلم نهى في الصلاة عن التشبه بالحيوانات فنهى عن بروك كبروك البعير، و التفات كالتفات الثعلب، و افتراش كافتراش السبع، و إقعاء كإقعاء الكلب، و نقر كنقر الغراب، و رفع الأيدي وقت السلام كأذناب الخيل الشمس، فهدي المصلي مخالف لهدي الحيوانات.

الثاني أن قولهم ركبتا البعير في يديه كلام لا يعقل و لا يعرفه أهل اللغة و إنما الركبة في الرجلين، و إن أطلق اللتين في يده اسم الركبة فعلى سبيل التغليب. انتهى كلام ابن القيم – رحمه الله تعالى - و قوله هذا غير مدفوع، و استغراب المؤلف له هو المستغرب في الحقيقة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير