تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه الحنابلة، وهو عدم بطلان الاعتكاف بالأعذار الطارئة لقوة ما استدلوا به.

المسألة الخامسة: الخروج لقربة من القرب:

كعيادة مريض، وصلاة جنازة، وغسل جمعة على القول باستحبابه دون وجوبه، وتجديد وضوء، وحضور مجلس علم ونحو ذلك.

ويتبين هذا في إيراد خلاف أهل العلم في خروج المعتكف لعيادة مريض أو صلاة جنازة.

القول الأول: أنه ليس له ذلك إلا بالشرط، إلا إن تعينت عليه صلاة الجنازة أو تغسيله أو دفنه.

وهذا مذهب الحنابلة ().

القول الثاني: أنه ليس له الخروج إلى ذلك إلا بالشرط، ولو تعين عليه ذلك.

وهذا مذهب الحنفية ()، والشافعية ().

القول الثالث: أن له الخروج إلى ذلك بلا شرط.

وبه قال الحسن البصري وسعيد بن جبير والنخعي ()، وهو رواية عن الإمام أحمد ().

القول الرابع: أنه يجب عليه الخروج لعيادة والديه وجنازتهما، ويبطل اعتكافه.

وهو مذهب المالكية ().

الأدلة:

أدلة الرأي: استدل لهذا الرأي:

1 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "أن النبي ? لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ().

فعلم أن هذه سنة الاعتكاف، وأن الخروج المباح للمعتكف الخروج لقضاء الحاجة، وما في معنى ذلك من الطهارة الواجبة، وصلاة الجمعة ونحو ذلك كما تقدم، دون الخروج لسائر القرب. وفعله ? يفسر الاعتكاف المذكور في القرآن.

2 - حديث عائشة، وفيه: "والسنة في المعتكف أن لا يخرج إلا للحاجة التي لابد منها، ولا يعود مريضاً، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم".

وتقدم هو هل من قول عائشة، أو مدرج من الزهري؟ وهو الأقرب ().

3 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي ? يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه" ().

ونوقش: بأنه حديث ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم ().

4 - قول عائشة رضي الله عنها: "إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة" ().

فعدم سؤال عائشة رضي الله عنها عن المريض إلا وهي مارة دون تعريج عليه إذا دخلت البيت لحاجة دليل على عدم قصد الخروج لعيادة المريض من باب أولى.

5 - أنه خروج لما له منه بد فلم يجز كما لو خرج لزيارة والديه، أو صديقه أو طلب العلم، ونحو ذلك من القرب ().

ودليل جواز ذلك بالشرط: ما سيأتي بحثه في حكم الشرط في الاعتكاف قريباً.

ودليل جواز الخروج إذا تعين عليه ذلك:

ما تقدم من الأدلة على جواز الخروج للأعذار الطارئة ().

ودليل الحنفية والشافعية: أنه ليس له الخروج إلا بالشرط ولو تعين عليه:

أما الحنفية: فلأن الأصل عند أبي حنيفة: أنه لا يخرج المعتكف إلا بحاجة الإنسان من بول وغائط، وما يتبعه من طهارة واجبة، وكذا صلاة الجمعة، لحديث عائشة رضي الله عنها، وقد تقدم مناقشته ().

وأما الشافعية: فلأنه خروج باختياره فكان مبطلاً، فلم يكن له ذلك إلا بالشرط.

ونوقش هذا التعليل: بأنه إذا تعين عليه ذلك كان من الأعذار الطارئة وقد تقدم الدليل على الخروج للأعذار الطارئة ().

دليل الرأي الثالث:

1 - حديث أنس مرفوعاً: "المعتكف يتبع الجنازة ويعود المريض" ().

ونوقش: بأن في إسناده: عنبسة بن عبدالرحمن الأموي، متروك الحديث ().

2 - ما رواه عاصم بن ضمرة أن علي بن أبي طالب ? قال: "من اعتكف فلا يرفث ولا يساب، ويشهد الجمعة والجنازة، وليوصل أهله إذا كانت له حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم" (). قال الإمام أحمد: عاصم بن ضمرة عندي حجة.

ونوقش: بمخالفته لظاهر القرآن والسنة.

كما أنه مخالف لقول عائشة رضي الله عنها.

وأما دليل المالكية: فيخرج لعيادة والديه لوجوب برهما، ويبطل اعتكافه؛ لأنه خرج باختياره ().

ولا يخرج لعيادة أو جنازة غيرهما مطلقاً؛ لعدم تجويزهم الشرط في الاعتكاف ().

الترجيح:

الراجح – والله أعلم - جواز الخروج بالشرط لكل قربة لما تقدم من الدليل على ذلك.

المطلب الثاني: اشتراط الخروج في الاعتكاف:

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: حكمه.

المسألة الثانية: نوعاه.

المسألة الثالثة: فائدته.

المسألة الأولى: حكمه:

اختلف العلماء في جواز الشرط وصحته في الاعتكاف على قولين:

القول الأول: جوازه وصحته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير