تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقوله تعالى: ?وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? ().

قال قتادة في قوله تعالى: ?ولا تباشروهن ... ? الآية: "كان الناس إذا اعتكفوا يخرج أحدهم فيباشر أهله، ثم يرجع إلى المسجد فنهاهم الله تعالى عن ذلك" ()، فلا يحل له في المسجد ولا خارجاً منه إذا خرج خروجاً لا يقطع الاعتكاف.

وروي نحوه عن ابن رضي الله عنهما، ويأتي قريباً.

ولحديث عائشة رضي الله عنها: "وكان - أي النبي ? - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ().

فذكرت عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ? كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان تعني الغائط والبول كُني عنهما بالحاجة؛ لأن الإنسان يحتاج إليهما لا محالة.

ولما تقدم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "والسنة للمعتكف أن لا يخرج إلا للحاجة التي لابد منها ولا يعود مريضاً ولا يمس امرأة ولا يباشرها .. " ().

وقال ابن عباس: "إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه" ().

المسألة الثانية: وجوب الكفارة بالجماع:

اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على أقوال:

القول الأول: أنه لا يلزمه شيء من الكفارات.

وهو قول جمهور أهل العلم (). إذ لا نص من قرآن أو سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح.

القول الثاني: أنه تجب عليه كفارة يمين.

وهو رواية عن الإمام أحمد. ولم أقف لهذه الرواية على دليل ().

القول الثالث: أنه تجب عليه كفارة الجماع في نهار رمضان.

قال الزهري في الرجل يقع على امرأته وهو معتكف: "لم يبلغنا في ذلك شيء ولكنا نرى أن يعتق رقبة مثل الذي يقع على أهله في رمضان" ().

وقال الحسن في رجل غشي امرته وهو معتكف: "إنه بمنزلة الذي غشي في رمضان عليه ما على الذي أصاب في رمضان" ().

وهو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله - ().

وقياس الاعتكاف على الصوم كما في قول الزهري والحسن غير مسلم؛ إذ هو قياس مع الفارق إذ الصيام لا تجب الكفارة فيه إلا بالوطء في نهار رمضان خاصة لحرمة الزمن، لا لحرمة جنس الصوم، وأيضاً فإن الصيام عبادة يدخل في جبرانها المال بخلاف الاعتكاف.

مع أنه قياس فاسد الاعتبار؛ لمخالفته ظاهر القرآن. وأيضاً لا يصح قياس الاعتكاف على الحج؛ إذ الحج يلزم جنسه بالشروع بخلاف الاعتكاف، ثم الكفارة الواجبة فيه ليست من جنس كفارة الحج ().

وعلى هذا فالراجح: قول جمهور أهل العلم، والله أعلم.

لكن إن كان الاعتكاف واجباً بنذر، فإن كان معيناً كما لو نذر اعتكاف العشر الأواخر، ثم وطيء فيها فتجب كفارة يمين لفوات الزمن المعين مع القضاء ().

لما تقدم من حديث عقبة مرفوعاً: "كفارة النذر كفارة يمين" ().

وإن كان متتابعاً غير معين كما لو نذر اعتكاف عشرة أيام متتابعة ثم وطئ فيها خير بين كفارة اليمين مع البناء، أو الاستئناف بلا كفارة ().

المطلب الثاني: مباشرة الزوجة ونحوها:

إذا باشر المعتكف زوجته أو أمته فإن كان لغير شهوة فلا يبطل اعتكافه باتفاق الأئمة ().

ودليل ذلك: حديث عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت ترجل النبي ? وهي حائض وهو معتكف في المساجد، وهي في حجرتها يناولها رأسه" ().

لكن عند ابن حزم تحرم المباشرة مطلقاً بشيء من الجسم إلا في ترجيل المرأة للمعتكف خاصة فمباح ().

وهذا منه رحمه الله جمود على النص.

وإن كانت المباشرة لشهوة حرم ذلك عليه، باتفاق العلماء ()، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ?: "كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان" ()، ولمنافاته حال الاعتكاف، واختلف العلماء في بطلان اعتكافه على قولين:

القول الأول: أنه لا يبطل اعتكافه إلا بالإنزال.

وهو قول جمهور العلماء ().

القول الثاني: أنه يبطل اعتكافه مطلقاً.

وهو قول المالكية ().

الأدلة:

استدل جمهور العلماء بالأدلة الآتية:

1 - البقاء على الأصل، وهو صحة الاعتكاف، ولم يرد ما يدل على بطلانه ().

2 - قياس الاعتكاف على الصيام والحج، فكما لا يبطل الصيام والحج بمجرد المباشرة لشهوة، فكذا الاعتكاف.

واستدل المالكية على بطلان الاعتكاف بالمباشرة لشهوة، بقوله تعالى: ?وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? ()، والمباشرة تشمل الجماع، والمباشرة لشهوة، والنهي إذا عاد إلى ذات المنهي اقتضى الفساد ().

ونوقش هذا الاستدلال من وجوه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير