تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول: أن المباشرة المراد بها هنا الجماع، وهو قول جمهور المفسرين كما نقله ابن جرير الطبري ()، وابن الجوزي ()، وابن كثير ()، وهو اختيار ابن جرير، قال ابن جرير - رحمه الله -: "وأولى القولين عندي قول من قال معنى ذلك: الجماع، أو ما قام مقام الجماع مما أوجب غسلاً إيجابه، وذلك أنه لا قول في ذلك إلا أحد قولين: إما جعل حكم الآية عاماً، أو جعل حكمها في خاص من معاني المباشرة، وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله ? أن نساءه كن يرجلنه وهو معتكف، فلما صح ذلك عنه، علم أن الذي عني به من معاني المباشرة البعض دون الجميع ... فإذا كان عن رسول الله ? ما ذكرنا من غسل عائشة رأسه وهو معتكف، فمعلوم أن المراد بقوله:?وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ? () غير جميع ما لزمه اسم المباشرة، وأنه معنى به البعض من معاني المباشرة دون الجميع، فإذا كان ذلك كذلك، وكان مجمعاً على أن الجماع مما عني به كان واجباً تحريم الجماع على المعتكف وما أشبهه ... " ().

الوجه الثاني: أنه روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في سبب نزول الآية قال: "كانوا إذا اعتكفوا فخرج الرجل إلى الغائط جامع امرأته، ثم اغتسل، ثم رجع إلى اعتكافه فنهوا عن ذلك" ().

لكنه لا يثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وأجيب: بأنه ثبت عن ابن عباس بإسناد صحيح: "أن المعتكف إذا جامع بطل اعتكافه" ()، فابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخذ ذلك من الآية فدل على أنه فسر المباشرة بالجماع، وقد دعا له النبي بالفقه في الدين، والعلم بالتأويل.

الوجه الثالث: ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى: ?وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? (): "المباشرة والملامسة والمس جماع كله، ولكن الله عز وجل يكني ما شاء بما يشاء" ().

الترجيح: الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور العلماء؛ للبقاء على الأصل، وهو صحة الصوم، والإجابة عن دليل المالكية.

المطلب الثالث: إنزال المني:

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: إنزاله بمباشرة.

المسألة الثانية: إنزاله باحتلام.

المسألة الثالثة: إنزاله بالتفكر.

المسألة الرابعة: إنزاله بالنظر.

المسألة الخامسة: إنزاله باستمناء.

المسألة الأولى: إنزاله بمباشرة:

إذا باشر المعتكف زوجته أو أمته، ثم أنزل بطل اعتكافه باتفاق الأئمة ().

وتقدمت الأدلة على تحريم المباشرة على المعتكف ().

المسألة الثانية: إنزاله باحتلام:

إذا احتلم المعتكف في منامه فأنزل منياً لم يفسد اعتكافه باتفاق الأئمة ().

ودليل ذلك: أن النائم مرفوع عنه القلم؛ لحديث علي ? أن النبي ? قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق" ().

المسألة الثالثة: إنزاله بالتفكر:

إذا حدث المعتكف نفسه بأمر الجماع فأنزل منياً لم يفسد اعتكافه.

وبه قال جمهور أهل العلم ().

لحديث أبي هريرة ?، أن النبي ? قال: "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به" ().

القول الثاني: أنه يفسد اعتكافه.

وهو مذهب المالكية ().

واستدلوا: بأن كل ما أفسد الصوم أفسد الاعتكاف، والإنزال بالتفكر يفسد الصوم عند المالكية ().

ونوقش هذا الاستدلال: بأنه مبني على أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف، وهو غير مسلم كما تقدم في شرط صحة الصوم.

كما أنه لا يسلم أيضاً أن الإنزال بالتفكر يفسد الصيام.

الترجيح: الراجح – والله أعلم - عدم بطلان الاعتكاف بإنزال المني لعفو الشارع عن حديث النفس.

المسألة الرابعة: إنزال المني بالنظر:

إذا نظر المعتكف إلى زوجته أو أمته بشهوة فأنزل منياً، فاختلف العلماء رحمهم الله تعالى في فساد اعتكافه على قولين:

القول الأول: أنه لا يفسد اعتكافه إلا إذا كرر النظر.

وهو مذهب الحنابلة ().

القول الثاني: أنه لا يبطل اعتكافه.

وهو مذهب الحنفية ()، والشافعية ().

القول الثالث: أنه يبطل اعتكافه بمجرد النظر إذا أنزل.

وهو مذهب المالكية ().

الأدلة:

أما دليل الحنابلة أنه لا يبُطل اعتكافه إلا بتكرار النظر إذا أنزل: أن النظرة الأولى معفو عنها؛ لحديث علي ? أن النبي ? قال: "يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة" ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير