تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأجيب عنه: بقول ابن الملقن: "ولا يخفى ما في ذلك، والأحاديث مصرحة بصيام الولي عنه، والحديث الوارد في الإطعام عنه ضعيف" ().

وأيضاً فهو صرف للفظ عن ظاهره بلا دليل.

قال النووي: "وأما تأويل الصيام بالإطعام فتأويل باطل يرده باقي الحديث" ().

الوجه الثاني: أنه معارض لقوله تعالى: ?وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ? ()، وبقوله تعالى: ?وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى? ().

وسيأتي الجواب عن هذا الوجه ().

الوجه الثالث: أنه معارض لما رواه النسائي عن ابن عباس مرفوعاً: "لا يصل أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مداً من حنطة" ().

وأجيب: بعدم ثوبته عن النبي ?.

الوجه الرابع: أن مالكاً لم يجد عمل المدينة عليه ().

وأجيب: بأن عمل المدينة مختلف في الاحتجاج به.

الوجه الخامس: أنه معارض للقياس الجلي، وهو أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها فلا يفعل عمن عليه كالصلاة ().

وأجيب: بأنه اجتهاد في مقابلة النص.

الوجه السادس: ما ذكره القاضي عياض وتبعه القرطبي: أن الحديث مضطرب.

وأجيب عن هذا: أنه لا يتأتى في حديث عائشة، وإنما يتأتى في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولا يسلم الاضطراب، وإنما فيه اختلاف يجمع بينه ().

2 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن سعد بن عبادة ? سأل النبي ? في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله ?: "اقضه عنها" ().

ولا يخلو إما أن يكون سعد سأل النبي ? عن نذر كان على أمه وأجابه النبي ? على مقتضى هذا السؤال ولم يستفصله فكأنه قال: إذا كان عليها نذر فاقضه عنها؛ لأن السؤال كالمعاد في الجواب، وهذا عام مطلق في جميع النذور.

أو يكون سأله عن نذر معين من صوم ونحوه فيكون اختيار ابن عباس أنه أمره أن يقضى عنها النذر ولم يعين ابن عباس أي نذر هو دليل على أنه فهم أن مناط الحكم عموم كونه نذرا، لا خصوص ذلك المنذور، وأن كل النذور مستوية في هذا الحكم، وابن عباس أعلم بمراد النبي ? ومقصوده ().

3 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى النبي ? فقال: يا رسول الله! أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال: نعم. قال: فدين الله أحق أن يقضى" ().

فقوله ?: "فدين الله أحق أن يقضى" يشمل نذر الاعتكاف.

والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

4 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن امرأة جاءت النبي ? فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها، أرايت لو كان على أمك دين ألست قاضية؟ قالت: نعم، قال: فاقضوا لله فالله أحق بالوفاء" ().

فقوله ?: "فالله أحق بالوفاء"، فبين النبي ?: أن هذا دين من الديون، وأن الله أحق أن يوفى دينه وأحق أن يقبل الوفاء، وهذه علة تعم جميع الديون الثابتة في الذمة لله.

5 - حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ?، وفيه قوله ? لعمرو حين سأله عن نذر لأبيه: "أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت عنه وتصدقت نفعه ذلك" ().

6 - ما رواه عامر بن مصعب قال: "اعتكفت عائشة عن أخيها بعدما مات" ().

ونوقش: بضعفه لضعف عامر ()، وإبراهيم بن مهاجر ().

7 - ما رواه عون بن عبدالله بن عتبة (): "أن امرأة نذرت أن تعتكف عشرة أيام فماتت ولم تعتكف، فقال ابن عباس اعتكف عن أمك" ().

أدلة الرأي الثاني:

استدل الجمهور على عدم مشروعية الاعتكاف عن الميت بما يلي:

1 - قوله تعالى: ?وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى? ()، فدل على أن سعي غيره لا ينتفع به.

قال شيخ الإسلام: "وأما الآية فللناس عنها أجوبة متعددة كما قيل: إنها تختص بشرع من قبلنا، وقيل: إنها مخصوصة، وقيل: إنها منسوخة، وقيل: إنها تنال السعي مباشرة وسبباً والإيمان من سعيه الذي تسبب فيه. ولا يحتاج إلى شيء من ذلك بل ظاهر الآية حق لا يخالف بقية النصوص، فإنه قال: ?وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى? وهذا حق فإنه إنما يستحق سعيه فهو الذي يملكه ويستحقه كما أنه إنما يملك من المكاسب ما اكتسبه هو، وأما سعي غيره فهو حق وملك لذلك الغير لا له، لكن هذا لا يمنع أن ينتفع بسعي غيره كما ينتفع الرجل بكسب غيره" ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير