تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم هو مع هذه الفضيلة العظيمة خرج صلى الله عليه وسلم إلى المصلى وتركه فهذا دليل واضح على تأكد أمر الخروج إلى المصلى لصلاة العيدين فهي السنة وصلاتهما في المسجد على مذهب مالك رحمه الله بدعة إلا أن تكون ثم ضرورة داعية إلى ذلك فليس ببدعة

لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلها ولا أحد من الخلفاء الراشدين بعده ولأنه عليه السلام أمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيدين وأمر الحيض وربات الخدور بالخروج إليهما فقالت إحداهن: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب فقال عليه الصلاة والسلام:


(1) يبلغ درجة التواتر انظر " الإرواء " 953 و " صحيح الجامع " 3732. (زهير)
[34]

" تعيرها أختها من جلبابها لتشهد الخير ودعوة المسلمين ". فلما أن شرع عليه الصلاة والسلام لهن الخروج شرع الصلاة في البراح لإظهار شعيرة الإسلام "
فالسنة النبوية التي وردت في الأحاديث الصحيحة دلت على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيدين في الصحراء في خارج البلد. وقد استمر العمل على ذلك في الصدر الأول ولم يكونوا يصلون العيد في المساجد إلا إذا كانت ضرورة من مطر ونحوه وهذا مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم من الأئمة رضوان الله عليهم
لا أعلم أن أحدا خالف ذلك إلا قول الشافعي رضي الله عنه في اختيار الصلاة في المسجد إذا كان يسع أهل البلد ومع هذا فإنه لم ير بأسا بالصلاة في الصحراء وان وسعهم المسجد وقد صرح رضي الله عنه بأنه يكره صلاة العيدين في المسجد إذا كان لا يسع أهل البلد
فهذه الأحاديث الصحيحة وغيرها ثم استمرار
[35]

العمل في الصدر الأول ثم أقوال العلماء كل أولئك يدل على أن صلاة العيدين الآن في المساجد: بدعة حتى قول الشافعي لأنه لا يوجد مسجد واحد في بلدنا يسع أهل البلد الذي هو فيه
[36]

حكمة الصلاة في المصلى
ثم إن هذه السنة - سنة الصلاة في الصحراء - لها حكمة عظيمة بالغة: أن يكون للمسلمين يومان في السنة يجتمع فيها أهل كل بلدة رجالا ونساء وصبيانا. يتوجهون إلى الله بقلوبهم تجمعهم كلمة واحدة ويصلون خلف إمام واحد يكبرون ويهللون ويدعون الله مخلصين كأنهم على قلب رجل واحد فرحين مستبشرين بنعمة الله عليهم فيكون العيد عندهم عيدا
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروج النساء لصلاة العيد مع الناس ولم يستثن منهن أحدا حتى أنه لم يرخص لمن لم يكن عندها ما تلبس في خروجها بل أمر أن تستعير ثوبا من غيرها وحتى أنه أمر من كان عندهن عذر يمنعهن الصلاة بالخروج إلى المصلى " ليشهدن الخير ودعوة المسلمين "
[37]

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ثم خلفاءه من بعده والأمراء النائبون عنهم في البلاد يصلون بالناس العيد ثم يخطبونهم بما يعظونهم به ويعلمونهم مما ينفعهم في دينهم ودنياهم ويأمرهم بالصدقة في ذلك الجمع فيعطف الغني على الفقير ويفرح الفقير بما يؤتيه الله من فضله في هذا الحفل المبارك الذي تتنزل عليه الرحمة والرضوان
فعسى أن يستجيب المسلمون لاتباع سنة نبيهم ولإحياء شعائر دينهم الذي هو معقد عزمهم وفلاحهم
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) سورة الأنفال الآية 24
وقال الشيخ ولي الله الدهلوي في " حجة الله البالغة " تحت عنوان: " العيدان " (2؟ 30 - 31):
الأصل فيهما أن كل قوم لهم يوم يجتمعون فيه ويخرجون من بلادهم بزينتهم وتلك عادة لا ينفك عنها أحد من طوائف العرب والعجم. وقد صلى صلى
[38]
الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال:
قد أبدلكم الله بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر " (1). قيل: هما " النيروز " و " المهرجان "
وإنما بدلا لأنه ما من عيد في الناس إلا وسبب وجوده تنويه بشعائر دين أو موافقة أئمة مذهب أو شيء مما يضاهي ذلك فخشي النبي صلى الله عليه وسلم إن تركهم وعادتهم أن يكون هناك تنويه بشعائر الجاهلية أو ترويج لسنة أسلافها فأبدلهما بيومين فيهما تنويه بشعائر الملة الحنيفية وضم مع التجمل فيهما ذكر الله وأبوابا من الطاعة ولئلا يكون اجتماع المسلمين بمحض اللعب ولئلا يخلو اجتماع منهم من إعلاء كلمة الله
أحدهما: يوم فطر صيامهم وأداء نوع من زكاتهم. فاجتمع الفرح " الطبيعي " من قبل تفرقهم عما يشق عليهم وأخذ الفقير الصدقات
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير