جزاك الله خيرا أستاذي الفاضل، فقد أصبتَ في كل ما قلتَ إلا في هذه
فقد سماهن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ناقصات دين وهن معذورات شرعا
وإياكم أخانا الكريم، أحسن الله إليكم
، لم أر من قول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المتقدم، أن نقصان الدين للنساء مقصودٌ به نقصان الأجر، بل هو وضع لبعض العبادات فى أيام معدودات بأمر من الله عز وجل، فوضع بعض التكاليف الشرعية عن المرأة أيام أقرائها هو فى حد ذاته تكليف شرعىّ، الا ترى أن المرأة تأثم إذا صلت أو صامت فى تلك الأيام؟، بل إنى أرى أن الله عز وجل قد أعطى للمرأة مالم يعط لرجل فى هذه الحالة، فقد أُمرت بالصلاة والصيام فصامت، وأمرت بالإفطار ووضع الصلاة فامتثلت، وأمرت بقضاء الصيام ففعلت، ووضع عنها قضاء الصلاة صدقة من الله عز وجل،، أترى فى هؤلاء أجرا أقل من أجر الرجل؟!، ثم أين الآلام والمعاناة التى تعانيها المرأة وهى فى هذه الأيام، أتمر بدون أجر؟،،، لا أظن ذلك أخى الكريم،،، لذا دعنا نعرض أقوال العلماء فى أجر المعذور أكامل هو، أم يقل عن نظيره؟:-
فى التفسير للقرطبي:
{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً}
96 - {دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}
فيه خمس مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال ابن عباس: لا يستوي القاعدون عن بدر والخارجون إليها. ثم قال: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} والضرر الزمانة. روى الأئمة واللفظ لأبي داود عن زيد بن ثابت قال: كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فما وجدت ثقل شيءأثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سري عنه فقال: "اكتب " فكتبت في كتف {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} إلى آخر الآية؛ فقام ابن أم مكتوم - وكان رجلا أعمى - لما سمع فضيلة المجاهدين فقال: يا رسول الله، فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين؟ فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي، ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى، ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اقرأ يا زيد " فقرأت {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} الآية كلها. قال زيد: فأنزلها الله وحدها فألحقتها؛ والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف. وفي البخاري عن مقسم مولى عبدالله بن الحارث أنه سمع ابن عباس يقول: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} عن بدر والخارجون إلى بدر. قال العلماء: أهل الضرر هم أهل الأعذار إذ قد أضرت بهم حتى منعتهم الجهاد. وصح وثبت في الخبر أنه عليه السلام قال - وقد قفل من بعض غزواته: "إن بالمدينة رجالا ما قطعتم واديا ولا سرتم مسيرا إلا كانوا معكم أولئك قوم حبسهم العذر ". فهذا يقتضي أن صاحب العذر يعطى أجر الغازي؛ فقيل: يحتمل أن يكون أجره مساويا وفي فضل الله متسع، وثوابه فضل لا استحقاق؛ فيثيب على النية الصادقة مالا يثيب على الفعل. وقيل: يعطى أجره من غير تضعيف فيفضله الغازي بالتضعيف للمباشرة. والله أعلم.
قلت: والقول الأول أصح - إن شاء الله - للحديث الصحيح في ذلك "إن بالمدينة رجالا " ولحديث أبي كبشة الأنماري قوله عليه السلام "إنما الدنيا لأربعة نفر " الحديث وقد تقدم في سورة "آل عمران". ومن هذا المعنى ما ورد في الخبر "إذا مرض العبد قال الله تعالى اكتبوا لعبدي ما كان يعمله في الصحة إلى أن يبرأ أو أقبضه إلي ".
وللكيا الطبري:-
قوله تعالى: {لاَ يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولي الضرَرِ} الآية [95].
يدل على أن كثرة الجزاء على قدر شرف العمل, وأن الذي لا يجاهد لا يثاب ثواب المجاهدين, إلا أن يعلم الله تعالى من نيته أنه لو كان الجهاد لجاهد, فإنه يستحق الأجر على قدر نيته, لقوله تعالى: {غَيْرُ أُولي الضرَرِ}.
وللأمين الشنقيطي:-
قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً}، ذكر في هذه الآية الكريمة أنه فضل المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وأجرا عظيما، ولم يتعرض لتفضيل بعض المجاهدين على بعض، ولكنه بين ذلك في موضع آخر وهو قوله: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [57/ 10]، وقوله في هذه الآية الكريمة: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، يفهم من مفهوم مخالفته أن من خلفه العذر إذا كانت نيته صالحة يحصل ثواب المجاهد.
وهذا المفهوم صرح به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنس الثابت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بالمدينة أقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه"، قالوا وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال: "نعم حبسهم العذر"
،، والله أعلى وأعلم
¥