تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[إبن محيبس]ــــــــ[11 - 04 - 09, 06:22 ص]ـ

هل يدخل الشرك الأصغر مع كبائر ِ الذنوب!

الشرك أكبره وأصغره هو من كبائر الذنوب

قال عليه الصلاة والسلام (ألا أنبؤكم بأكبر الكبائر: الشرك بالله .. ) الحديث

ـ[أبو سمية السلفي]ــــــــ[11 - 04 - 09, 07:51 ص]ـ

قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح كتاب التوحيد في باب الخوف من الشرك:

قال الشيخ رحمه الله (وقول الله عز وجل: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ") هذه الآية من سورة النساء فيها قوله (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ).

والمغفرة: هي السَّتر لما يُخاف وقوع أثره.

وفي اللغة: يقال غَفَرَ إذا سَتَرَ ومنه سُمِّي ما يوضع على الرأس مِغْفَرَة؛ لأنه يستر الرأس ويقيه الأثر المكروه من وقع السيف ونحوه على الرأس.

فمادة (المغفرة) راجعة إلى ستر الأثر الذي يُخاف منه، والشرك أو المعصية لها أثرها إمّا في الدنيا، وإمّا في الآخرة، أو فيهما جميعا، وأعظم ما يُمَنُّ به على العبد أن يُغفر ذنبه، وذلك بأن يُستر عليه، وأن يُمحى أثره، فلا يؤاخذ به في الدنيا، ولا يؤاخذ به في الآخرة، ولولا المغفرة لهلك الناس.

قال جل وعلا هنا: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)، (لَا يَغْفِرُ) يعني أبدًا، (لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) يعني أنه بوعده هذا لم يجعل مغفرته لمن أشرك به.

قال هنا: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ):

(قال العلماء: في هذه الآية دليل على أن المغفرة لا تكون لمن أشرك شركًا أكبر أو أشرك شركًا أصغر، فإن الشرك لا يدخل تحت المغفرة؛ بل يكون بالموازنة، ما يُغفر إلاَّ بالتوبة؛ فمن مات على ذلك غير تائب فهو غير مغفور له ما فعله من الشرك، قد يُغفر غير الشرك كما قال: (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ).

فجعلوا الآية دليلًا على أن الشرك الأكبر والأصغر لا يدخل تحت المشيئة, وجه الاستدلال من الآية أن قوله (لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)، (أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) هذه (أَنْ) موصول حرفي مع (يُشْرَكَ) فِعل، وتُقَدَّر (أَنْ) المصدرية مع ما بعدها من الفعل- كما هو معلوم- بمصدر؛ والمصدر نكرة وقع في سياق النفي، وإذا وقعت النكرة في سياق النفي عمّت, قالوا: فهذا يدل على أن الشرك هنا الذي نفي الأكبر والأصغر والخفي, كل أنواع الشرك لا يغفرها الله جل وعلا؛ لعظم خطيئة الشرك؛ لأن الله جل وعلا هو الذي خلق، وهو الذي رزق، وهو الذي أعطى، وهو الذي تفضّل، فكيف يتوجه القلب عنه إلى غيره؟ لا شك أن هذا ظلم وهو ظلم في حق الله جل وعلا، ولذلك لم يُغفر، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وأكثر علماء الدعوة.

(قال آخرون من أهل العلم: إن قوله هنا (لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) دالة على العموم، ولكن هذا عموم مخصوص؛ هذا عموم مراد به خصوص الشرك الأكبر (لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) يعني الشرك الأكبر فقط دون غيره، وأمّا ما دون الشرك الأكبر فإنه يكون داخلا تحت المشيئة، فيكون العموم في الآية مرادا به الخصوص، لماذا؟ قالوا: لأن القرآن فيه هذا اللفظ (أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) ونحو ذلك، ويُراد به الشرك الأكبر دون الأصغر غالبا, فالشرك غالبا ما يطلق في القرآن على الأكبر دون الأصغر، قال جل وعلا " وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ " [المائدة:72]، (مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ) هنا (يُشْرِكْ) أيضا فعل داخل في سياق الشرط فيكون عامّا. فهل يدخل الشرك الأصغر والخفي فيه؟ بالإجماع لا يدخل؛ لأن تحريم الجنة وإدخال النار والتخليد فيها إنما هو لأهل الموت على الشرك الأكبر، فدلّنا ذلك على أن المراد بقوله (مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) أنهم أهل الإشراك الشرك الأكبر، فلم يدخل الأصغر، ولم يدخل ما دونه أو أنواع الأصغر، فيكون إذن فهم آية النساء على فهم آية المائدة ونحوها، " وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ " [الحج:31] في الشرك الأكبر، ونحو ذلك.

فيكون- إذن- على هذا القول، المراد بما نُفي هنا أن يغفر الشرك الأكبر.

ولما كان اختيار إمام الدعوة كما اختيار عدد من المحققين؛ كشيخ الإسلام وابن القيم وكغيرهما: أن العموم هنا للأكبر و الأصغر والخفي؛ بأنواع الشرك. قام الاستدلال بهذه الآية صحيحا؛ لأنّ الشرك أنواع، وإذا كان الشرك بأنواعه لا يُغفر فهذا يوجب الخوف منه أعظم الخوف؛ إذا كان الرياء لا يُغفر, إذا كان الشرك الأصغر؛ الحلف بغير الله، أو تعليق التميمة أو حلقة أو خيط، أو نحو ذلك من أنواع الشرك الأصغر؛ ما شاء الله وشئت، نسبة النعم إلى غير الله، إذا كان لا يُغفر؛ فإنه يُوجب أعظم الخوف منه، كذلك الشرك الأكبر. أهـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير