ـ[أبو وائل غندر]ــــــــ[12 - 04 - 09, 07:18 م]ـ
أختي الكريمة وفقك الله للعلم النافع والعمل الصالح:
ليس في الآية دليل على أن الوساوس التي تراود الإنسان تكتب عليه، ليس فيها إلا إثبات علم الله بها، والآية سيقت مساق التهديد والوعيد، ليحذر الإنسان أن يتبع الوساوس، فتصبح عنده بعد ذلك عزائم، لأن الوساوس والخواطر أمر غير إرادي لا يستطيع الإنسان دفعه، وتقدم لك الحديث الذي فيه (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها مالم تتكلم أو تعمل) وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال وقد وجدتموه؟ قالوا نعم قال ذاك صريح الإيمان أخرجه مسلم برقم 209.، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا: خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله
قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله في تعليقه على صحيح مسلم قوله (فليقل آمنت بالله) معناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه قال الإمام المازري رحمه الله ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال ولا نظر في إبطالها قال والذي يقال في هذا المعنى إن الخواطر على قسمين فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت فهي التي تدفع بالإعراض عنها وعلى هذا يحمل الحديث وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة فكأنه لما كان أمر طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه، وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها والله أعلم، اهـ (1/ 119)
قلت والقائل أبو وائل: والإمام المازري رحمه الله يريد أن يفرق بين الخواطر فيقول: هناك خواطر تعرض لجميع الناس عالمهم وجاهلهم صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم هذه أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى دفعها بقولنا آمنت بالله، والاستعاذة من الشيطان.
أما الخواطر الناتجة عن شبهة كمن قرأ في كتب الفلاسفة والملحدين الطبعيين والحسيين فعلقت بذهنه شبهة من شبههم، فهذا يحتاج إلى رد تلك الشبه والخواطر بالدليل والبرهان السمعي والعقلي.
قلت: ولا يمنع أن حتى أصحاب هذا القسم عليهم أن يدفعوا تلك الخواطر بقولهم (أمنت بالله) لعموم قوله صلى الله عليه وسلّم إضافة إلى الدليل العقلي والنقلي، لأنه قد يقال إن مجرد تلفظ الإنسان بهذه العبارة فيه تجديد لإيمانه الذي لا يستغني عنه أصحاب القسمين، فتأمّل.
وعلى كلّ تتفق في أن كلّها خواطر لا يؤاخذ عليها الإنسان مالم تستحكم في قلبه، فإن انتقلت من كونها خاطرة ووسوسة إلى أن تصبح عقيدة أُوخذ عليها الإنسان ولو لم يتلفظ بها، لأنها أصبحت عزيمة
فعليك أن تفرقي بين الوساوس والخواطر والعوارض، والعزائم والجوازم والقواطع، والله أعلم
ـ[ابو معاذ المصرى السلفي]ــــــــ[13 - 04 - 09, 03:41 ص]ـ
اقتباس
وعلى كلّ تتفق في أن كلّها خواطر لا يؤاخذ عليها الإنسان مالم تستحكم في قلبه، فإن انتقلت من كونها خاطرة ووسوسة إلى أن تصبح عقيدة أُوخذ عليها الإنسان ولو لم يتلفظ بها، لأنها أصبحت عزيمة
فعليك أن تفرقي بين الوساوس والخواطر والعوارض، والعزائم والجوازم والقواطع، والله أعلم
بارك الله فيك اخى ابا وائل
هناك امور قلبية لاينطق المرء بها بل قد يحاول يخفيها ولكن يؤاخذ عليها كأمراض القلوب من نفاق ورياء وكبر وعجب وحسد وشماتة ونحو ذلك
فلاتكون هذه من الخواطر العارضة المعفو عنها بل هى من المهلكات
زظنى ان اخى ابا وائل يشير لذلك
بارك الله فيكم ونفعنا بكم
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[13 - 04 - 09, 06:28 ص]ـ
أشكركم أخوي الفاضلين استفدت مما نقلتم وكتبتم وأفدتم.
وتذكرت بالمناسبة، شخصية قالت لي أنها نوت في نفسها أن تصلي نافلة،ولم تتلفظ بالنية مع ذلك شعرت بثقل، فقالت لي من يحبطني الشيطان أم النفس فاحترت ولم أجد جوابا أليس عندكم توجيه؟
ـ[أبو وائل غندر]ــــــــ[14 - 04 - 09, 07:45 م]ـ
نعم أخي المفضال أبا معاذ أشرت إليها في المشاركة الأولى عند قولي:
(فما هو السبيل للكرام الكاتبين لكتابة أعمال القلوب من الخشية والإنابة والتوكل والرجاء والحب، أو غيرها من أعمال الشر ـ نسأل الله العافية ـ كالحسد والبغض والكبر والرياء)
وقولي:
(أما العزائم وهي أعمال القلوب فالإنسان مؤاخذ عليها بدليل قوله تعالى {وإن تُبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء})
وأيم الله إنها من الموبقات المهلكات كما ذكرت، وللفائدة راجع تفسير ابن سعدي عند هذه الآية من سورة البقرة ففيها فائدة عظيمة وفقك الله أخي أبا معاذ ورفع قدرك وأعلا ذكرك.
أختي في الله:
قد يكون الذي أثقلها عن العمل الصالح نفسها الأمارة بالسوء أو الشيطان أو هما معا وغالبا لاينفك هذا العاملان عن تثبيطنا عن عمل الخير وكلّنا ذلك الرجل، وأما مسألة التلفظ بالنية فلا يخفى عليك أن النية محلها القلب والتلفظ بها بدعة فإقدام العبد على صلاة الظهر تلك هي نيته وإقدامه على الوضوء تلك هي نيته، استثنى بعضهم التلفظ بنية الإحرام فقط في الحج والعمرة، والذي يظهر أن قول الإنسان لبيك اللهم حجا أو عمرة ليس تلفظا بالنية إنما هو شروع في الدخول في النسك، كتبيرة الإحرام للدخول في الصلاة، وليست تكبيرة الإحرام هي نية الصلاة، والله أعلم
¥