ـ[محمد براء]ــــــــ[26 - 07 - 10, 08:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب عن اعتراض على مراد الرازي بالحشوية
قال مقيده عفا الله عنه: أراد الرازي هنا الرد على أهل السنة المثبتين لصفات الله تعالى، وسماهم حشوية، كما هو عادة المبتدعة في التشنيع على أهل السنة،كما قال الإمام المحدث أبو حاتم الرازي رحمه الله تعالى أحد أئمة أهل الحديث: " علامة الزنادقة أن يسموا أهل الأثر حشوية " كما ذكره الذهبي في العلو ص190.
اعترض بعض الجهلة على هذه العبارة بأن الرازي لا يريد بالحشوية هنا ما ذكرتُه، وبالغ في السب والشتم والطعن بصاحب المقال من أجل كلمته هذه، ثم شرع يقرر كلاماً يخترعه من رأسه ويعزوه للرازي.
والجواب باختصار: أن ما ذكرتُه من تفسير لمراد الرازي بالحشوية ليس محض تخمين أو ادعاء، بل هو عين ما صرح به في كتابه «أساس التقديس» حيث طرح هذه المسألة عينها وطرح الحجج عينها مع بسط وتوسع، وذلك في القسم الثالث الذي عنون له بقوله (ص222): " القسم الثالث في تقرير مذهب السلف " قال هناك: " الفصل الأول في أنه هل يجوز أن يحصل في كتاب الله تعالى ما لا سبيل إلى العلم به؟ ".
أقول: هذه المسألة هي المسألة عينها التي طرحها في «المحصول»، ونصب الخلاف فيها مع الحشوية، أما هنا فقال: " اعلم أن كثيراً من الفقهاء والمحدثين والصوفية، يجوزون ذلك، والمتكلمون ينكرونه ".
ثم عرض الحجج نفسها التي ذكرها في المحصول مع شيء من البسط.
فتبين أنه إنما يعني بالحشوية هؤلاء الذين ذكرهم من المحدثين والفقهاء والصوفية، وأن ما عزوناه إليه ثابت رغم أنف ذاك المعترض الجاهل.
وليس هذا عجيباً من مثل الرازي الجهمي الجبري - كما نعته بذلك شيخ الإسلام في «المجموع» (16/ 213)، فإنه عقد فصلاً مخزياً في هذا الكتاب في رد أحاديث الآحاد (ص215 - 219) قال فيه (ص216): " والعجب من الحشوية. أنهم يقولون: الاشتغال بتأويل الآيات المتشابهة غير جائز لأن تعيين ذلك التأويل: مظنون، والقول بالظن في القرآن لا يجوز ثم إنهم يتكلمون في ذات الله تعالى وصفاته بأخبار الآحاد، مع أنها في غاية البعد عن القطع واليقين ".
فالحشوية هنا هم الحشوية الذين عناهم في «المحصول».
وهذا الفصل نقله الدكتور سفر الحوالي بتمامه في كتابه «الأشاعرة الكبير» أو «الأشاعرة عرض ونقض» (ص112 - 119)، وهو غير موجود ضمن ما رد عليه شيخ الإسلام في نقضه لهذا الكتاب المسمى «بيان تلبيس الجهمية، ولكن محققي الكتاب (طبعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف) أشاروا إليه في المقدمة (1/ 237 - 240) قالوا عن هذا الفصل- وقد صدقوا -: " قد جاء بكلام أشبه ما يكون بكلام الزنادقة، خلط فيه وأغرب، وبالغ في القدح في صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وأعلام الأمة من أئمة الحديث ورواته بما لا يتفوه بمثله إلا قليل الديانة والأمانة ".
ومن عجائب السنوسي الإمام الأشعري المتأخر،قوله في «شرح الكبرى» في الكلام على معنى ما رويَ عن الرازي أنه قال عند موته: " اللهم إيمان العجائز "، وفي رواية عنه: " من لزم مذهب العجائز كان هو الفائزُ " ما نصُّه: " يحتملُ أن يكون سبب دعائهِ بهذا ما عُلم من حاله من الولوعِ بحفظ آراء الفلاسفة وأصحابِ الأهواءِ، وتكثيرِ الشُّبَه لهُم، وتقويةِ إيرادها مع ضعفِهِ عن تحقيق الجواب عن كثيرٍ منها، على ما يظهرُ من تأليفِه.
ولقد استرقُّوه في بعض العقائد فخرج إلى قريب من شنيعِ أهوائِهم، ولهذا يحذر الشيوخ من النظر في كثيرٍ من تأليفه.
قال الشيخ أبو عبد الله المَقَّرِي التلمساني رحمه الله تعالى: من تحقَّق كلام ابن الخطيب وجده في تقرير الشبهة أشد منه في جوابه عنها، وفي هذا ما لا يخفى.
أنشدني شيخي أبو عبد الله الأيلي قال: أنشدني عبد الله بن إبراهيم الزَّمُوري قال: أنشدني تقيُّ الدين ابنُ تيمية لنفسه:
محصّلٌ في أصول الدين حاصله = من بعد تحصيلهِ علمٌ بلا دين
أصل الضلالة في الإفك المبين فما = فيه فأكثره وحي الشياطين
قال: وكان بيده قضيبٌ فقال: لو أدركتُ فَخر الدين لضربته بقضيبي على رأسه. ا. هـ كلام السنوسي بلفظه. انظر حاشية اليُوسي على شرح الكبرى، وحاشية الأمير على شرح الجوهرة.
والعجب أن السنوسي يستشهد بكلام شيخ الإسلام في الرازي!! وقد علم الجميع حال الأول وحال الثاني!!
وقال الذهبي في ترجمة الرزاي من ميزان الاعتدال: " وله تشكيكات على مسائل من دعائم الدين تورث الحيرة نسأل الله أن يثبت الإيمان في قلوبنا "
وينظر في حال الرازي كتاب «موقف ابن تيمية من الأشاعرة» للدكتور عبد الرحمن المحمود حفظه الله ص (651 - 671).
ولعل الجاهل الذي اعترض يعلم أن اعتراضه لا صلة له بأصل التقرير الذي في المقال أعلاه، الذي قررت به التناقض، والحمد لله على توفيقه لأهل السنة وخذلانه لأهل الضلالة والبدعة.