تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فجُعل توحيد الربوبية والأسماء والصفات كالسبب لتوحيد الألوهية، أو كالمقدمة له. وهذا كثير في القرآن الكريم. من ذلك قول الله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255]

بدأت الآية الكريمة بجملة خبرية تقريرية (الله لا إله إلا هو) ... لا معبود بحق إلا الله، أو لا يستحق العبادة إلا الله، ثم تبعت هذه الجملة بعدة جمل تعليلية، تبين سبب أحقية الله سبحانه وتعالى للتفرد بالعبادة، وكأنه سأل سائل: لماذا؟ فأتت الآية بعدها تعلل هذا الخبر (الحي القيوم) (لا تأخذه سنة ولا نوم) (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) (وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما) (وهو العلي العظيم).

ومن ذلك قول الله تعالى: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [فصلت:9]، والمعنى أن من خلق السموات والأرض في يومين لا يُكفر به ولا ينبغي أن يجعل له أندادا.

ومثله قول الله تعالى: {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً} [الكهف: من الآية 14]، والمعنى لأنه ربنا رب السموات والأرض، لذلك لن ندعو من دونه إلها.

في هذه المنطقة (الخطاب بالتوحيد) .. (مخاطبة من لا يؤمن أو من لم يؤمن) .. يعمل العقل.

الثانية: في المناط.

المناط غير الحكم الشرعي ... المناط هو المحل الذي يتنزل عليه الحكم الشرعي. أو العلة المؤثرة في الحكم.

مثلا: الحركة الكثيرة تبطل الصلاة. هذا حكمٌ شرعي. لا يعمل فيه العقل، لا يقال لماذا الحركة الكثيرة تبطل الصلاة؟

وإنما يعمل العقل في (المناط) .. في كون الحركة كثيرة أم لا؟ هل تحركتُ كثيرا أم لم أتحرك كثيرا؟ وبالتالي تبطل صلاتي أم لا؟

ومثلا خروج شيء من أحد السبيلين ينقض الوضوء. هذا حكم شرعي. لا يعمل العقل فيه. وإنما يعمل العقل في تحقيق المناط: هل خرج شيء من السبيلين أم لا؟ وبالتالي ينقض الوضوء أم لا؟

ومثله: كل مسكر خمر، وكل خمر حرام (9).

هذا حكم شرعي لا دخل للعقل فيه، وإنما يعمل العقل في تحقيق المناط: هل شرب خمرا أم لا؟

ومثله: حين نقول (حرم الله الزنا وأوجب الحد على من زنا). هذا حكم شرعي لا يعمل العقل فيه.

وإنما يعمل العقل في الحادث محل النظر. . . ليتبين أهو زنا أم دون ذلك؟ وبالتالي هل يُحد أم لا؟ وما نوع الحد؟ رجم أم جلد وتغريب؟

ما يتكلم عنه العقاد وما يحدث الآن من (العلمانيين) و (المفكرين) و (الليبراليين) و (العصرانيين) ... إلى آخر هذه الأسماء ممن يناقشون (التعدد .. تعدد الزوجات)، و (الميراث) و (تحكيم الشريعة) و (الجهاد) , (الحجاب) و (حجية السنة النبوية). . الخ. شي آخر. هم يناقشون الأحكام. ومناقشة الحكم تشكيك في المُشَرِّع، ومن يناقش الحكم نخاطبه بالتوحيد من جديد .. نبين له أن الله هو (العليم) (الحكيم) (الخالق) (الرازق) (القدير) .. ، ومن خلق ورزق وعلم كل شيء وقدر على كل شيء قوله الحق وله الحكم.

ونبين له أن الله أرسل إلينا رسولا بلساننا ليبين لنا ما أراده منا، وقد كان، نبين له أن العقل عاجز، وأنه إذا تعارض العقل والشرع فالله أعلم وأحكم. " قل أأنتم أعلم أم الله "؟!

ومناقشة الحكم من جنس مناقشة إبليس لأمر الله تعالى له بالسجود.

ولا يجدي التأويل في هذا. نعم لا يجدي التأويل في هذا.

فإبليس كان متأولا (أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) (الأعراف: 12) (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) (الإسراء: 61).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير