تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن رحمة المخلوق قائمة به يرجى نفعها ما دام مقتضى ذلك موجودا وهو الحياة، فإن مات فكيف ينفعنا الله برحمة هذا العبد الميت الذي قد أفضى إلى ما قدّم. ((وإذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث)) وليس فيها رحمته.

أحسنت أخي، وشرح الله صدورنا جميعا إليه.

وتأملوا أحبتي في الله،

لا بد من ضابط بمقصود ومراد المتكلم بالقول، حتى يكون الكلمة من رضوان الله لا من سخطه ...

وفي مسألة النفع وصفاته وأثرها:

فإنه الأصل أنها قائمة بذات المتصف وموصوله به، ومقتضاها الحياة بالحال والاستدلال،

ولكن ...

ولكن قد يجاب على هذا بأن الحياة الدنيا ما حسنت إلا بالإيمان والتوحيد والباقيات الصالحات،

وما دام ثواب الحياة عند خالقها، لا يملكها أحد إلا الله رب العالمين، فإن الله قادر على أن ينمي

العمل إلى ما شاء الله، وهذا ثابت. (رغم أن أعمال المخلوق مخلوقة وصفاته كذلك)

* عن فضالة بن عبيد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال:

" كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر "

* وعن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له "

فإن من حكمة الله نماء الأعمال، لأن الله رفعها، بل هي (بمنطق) البشر ترفع إلى الله ينميها ويزيدها،

والصدقة الجارية، أليست رحمة؟

أودعها الله في قلب صاحبها، وكانت للنفس قرارا وأمنة ونعمة،

والصدقة رحمة، وبركة، ونفع، وكذا العلم النافع رحمة، وبركة، ونفع، حتى الولد الصالح ...

أما الصدقة، في قوله تعالى: " قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا "

وأما العلم فهو رحمة، بل هو مصدر ومناط للرحمة،

فقد قال تعالى: " وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ "

وقال سبحانه: " وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) "

وقال أيضا: " فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا "

والآداب رحمة وصالح الأخلاق رحمة،

قال تعالى: " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ "

وبالجمع بين الآية وبين قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إنما بعثت ُ لإتممَ صالح الأخلاق " - يتضح الأمر.

وحتى الولد (*) - وهذا من أوضح الأمور - رحمة،

قال الله تعالى: " ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا " إلى قوله: " يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا "

وقال تعالى: "فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا "

وقال الله - عز وجل - أيضا: " وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ "

وقد يقال، إذا كان مفهوم الرحمة بمثل ذلكم الشمول والاستيعاب، فلماذا لا تقال في سياق الدعاء، على قصد الخير والمنفعة، أن يقول أحدهم:

نفعنا الله بعلم فلان، برحمة فلان، ببركة فلان، بصدقته، بفضله، بإحسانه، بولده!

ولكن لما تشابه الكلام مع أهل البدع والضلال والأوهام، عدل عن ذلك الشبه واستخدم أهل الإيمان ما أذن الله لهم من الكلم الطيب،

فإن الله تعالى نهي الذين آمنوا عن قولهم " راعنا" لما كانت ليا بألسنة بني إسرائيل،

وقال -سبحانه -:

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ "

و تأمل في قوله في تتمة الآية " ... وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ " كما ذكر أهل العلم إشارة السياق،

لتبين مراد القرآن من الحكم - وهو النهي عن قول راعنا - فنفس الكلام هنا في عبارتنا،

فالحاصل من كل ذلك الآن أن:

هذه العبارة فيها نظر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) لم أصف الولد بـ (الصالح) لأن الصفة مفهومة من السياق!! وهذا ما أرمي إليه!!!

ـ[أبو وائل غندر]ــــــــ[21 - 05 - 09, 06:50 م]ـ

شكر الله لك أخي أبابكر الأثري على ما تفضلت به

وماذكرته من أن العلم والصدقة الجارية والولد الصالح يدخل في الرحمة فهذا يقال من باب التجوز أي المجاز

لكن ظاهر استعمالات اللغة أنها لاتسمي مثل هذه الأعمال من العبد رحمة منه

ألا ترى أن كل ما سقته من الآيات إنما أضيفت الرحمة فيه إلى الرب سبحانه، وليس إلى العبد،

ورحمة العبد تتصور في مثل رحمة الأم بولدها، والحيوان بولده، والعالم بتلميذه، وصاحب العمل بأجيره، وهكذا

فالعبارة (((نفعنا الله برحمته))) تثير القلق، وهي إلى الخطأ أقرب

إلا إذا جعلنا الرحمةهنا مضافة إلى الرب، لكن يبقى الكلام غير تام في هذا السياق، لأنه يصبح لا علاقة له بصاحب الكتاب، والله تعالى أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير