rوقال عن أحمد بن حنبل: والله ما أعرف لأحد من التابعين عليه مزية، ولا أعرف أحداً يقدره قدره، ولا نعرف من الإسلام محله، فما لقيته لقاه في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس.
rوقال: أجمع عقلاء كل أمة أن من لم يجر مع القدر لم يتهن بعيشه.
r وقال: ما كنا نعرف من هذه الطبائخ شيئاً إنما هو باذنجان مشوي أوباقة فجل أونحو هذا.
r بعث إليه المعتضد الخليفة بعشرة آلاف درهم، فأبى أن يقبلها وردها، فرجع الرسول وقال: يقول لك الخليفة: فرقها على منت عرف من فقراء جيرانك، فقال: هذا شيء لم نجمعه ولا نسأل عن جمعه، فلا نسأل عن تفريقه، قل لأمير المؤمنين: إما أن يتركنا، وإما أن نتحول من بلده.
نقل الخطيب وطائفة: أن الحربي توفي لسبع بقين من ذي الحجة، سنة خمس وثمانين ومائتين وكانت جنازته مشهودة، صلى عليه يوسف القاضي، صاحب كتاب "السنن"، وقبره يزار ببغداد.
ألا رحم الله إبراهيم الحربي ورحم من رباه وعلمه من العلماء الأخيار، الربانيين الأطهار.
وبعد:
r فقد عقب العلامة شعيب الأرناوط ’ معلقا: (هذا الكلام لا يسلم لقائله، إذ كيف يكون قبر أحد من الأموات الصالحين ترياقا ودواءا للأحياء، وليس ثمة نص من كتاب الله يدل على خصوصية الدعاء عند قبر ما من القبور، ولم يأمر به النبي ‘، ولا سنه لامته، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا استحسنه أحد من أئمة المسلمين الذين يقتدي بقولهم، بل ثبت النهي عن قصد قبور الأنبياء والصالحين لأجل الصلاة والدعاء عندها، فعن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين الثقة الثبت، الفقيه أنه رأى رجلا يجئ إلى فرجة كانت عند قبر النبي ‘، فيدخل فيها فيدعو، فدعاه، فقال: ألا أحدثك بحديث سمعته من أبي عن جدي رسول الله ‘؟ قال: " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، وصلوا علي، فإن صلاتكم وتسليمكم تبلغني حيثما كنتم " أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 375، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي ‘ رقم (20)، ويقويه ما أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (6726) من طريق سهيل، عن الحسن بن علي قال: رأى قوما عند القبر، فنهاهم، وقال: إن النبي ‘ قال: " لا تتخذوا قبري عيدا ".وأخرجه أبو داود (2042)، وأحمد 2/ 367 من طريق عبد الله بن نافع، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ‘: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم "، وهذا سند حسن.
وأخرج ابن أبي شيبة في " المصنف " 2/ 376 من طريق أبي معاوية عن الأعمش، عن المعرور بن سويد قال: خرجنا مع عمر في حجة حجها، فقرأ بنا في الفجر: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) و (لايلاف قريش)، فلما قضى حجه ورجع والناس يبتدرون، فقال: ما هذا؟ فقالوا: مسجد صلى فيه رسول الله ‘، فقال: هكذا هلك أهل الكتاب، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا، من عرضت له منكم فيه الصلاة، فليصل، ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة، فلا يصل.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وجاء في " مناسك الحج للإمام النووي 69/ 2، وهو من محفوظات الظاهرية ما نصه: كره مالك ’ لأهل المدينة كلما دخل أحدهم وخرج الوقوف بالقبر، قال: وإنما ذلك للغرباء، قال: ولا بأس لمن قدم من سفر، أو خرج إلى سفر أن يقف عند قبر النبي ‘، فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر ù.
قال الباجي: فرق مالك بين أهل المدينة والغرباء، لان الغرباء قصدوا ذلك، وأهل المدينة مقيمون بها.
وقد قال ‘: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد " فتأمل قول مالك: " يصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر " فإن هذه هي الزيارة الشرعية للقبور أن نسلم على أصحابها وندعو لهم كما علمنا رسول الله ‘ في الحديث المخرج في صحيح مسلم (974) عن عائشة، و (975) عن بريدة.
فهل توسل الإمام إبراهيم الحربي ’؟!
أما كذب عليه المفتري بهذا البهتان وتلكم الطآمة، أليس في طبقاتهم فلماذا تمسكوا بما في التاريخ؟!، فلماذا الخيانة العلمية وعدم أداء الأمانة التي أوكلها الله U أهل العلم؟!
ألم يقرأ المفتري قوله I { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران/187]
وقوله I { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} [الأعراف/169].
وصدق ربي إذ يقول {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)} [الأحزاب/57، 58]
([1] [4]) سير أعلام النبلاء - (15/ 437،438)