ذكر ابن القيم في كتاب «اجتماع الجيوش الإسلامية» عنه أنه قال في كتاب «الحجة» «باب في بيان استواء الله على عرشه» قال الله تعالى: ? الرحمن على العرش استوى ? وذكر آيات ثم قال: قال أهل السنة: الله فوق السموات لا يعلوه خلق من خلقه , ومن الدليل على ذلك أن الخلق يشيرون إلى السماء بأصابعهم , ويدعونه ويرفعون إليه رءوسهم وأبصارهم – ثم قال: «فصل في بيان أن العرش فوق السموات وأن الله سبحانه وتعالى فوق العرش» إلى أن قال: قال علماء السنة: إن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه. وقالت المعتزلة: هو بذاته في كل مكان – إلى أن قال: وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? قال: هو على عرشه , وعلمه في كل مكان – إلى أن قال: وزعم هؤلاء – يعني المعتزلة – أنه لا تجوز الإشارة إلى الله سبحانه بالرءوس والأصابع إلى فوق , فإن ذلك يوجب التحديد , وقد أجمع المسلمون أن الله سبحانه العلي الأعلى , ونطق بذلك القرآن , فزعم هؤلاء أن ذلك بمعنى علو الغلبة لا علو الذات. وعند المسلمين أن لله عز وجل علو الغلبة , والعلو من سائر وجوه العلو , لأن العلو صفة مدح فنثبت أن لله تعالى علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة. وفي منعهم الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى من جهة الفوق خلاف منهم لسائر الملل , لأن جماهير المسلمين وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى من جهة الفوق في الدعاء والسؤال , واتفاقهم بإجماعهم على ذلك حجة , ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق. انتهى المقصود من كلامه.
قول أبي عمر بن عبد البر:
قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل إجماع الصحابة والتابعين على القول بأن الله تعالى على العرش وعلمه في كل مكان , وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله , وذكرت له أيضاً كلاماً حسناً على حديث النزول فليراجع كل ما تقدم عنه.
قول أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي:
قال في كتابه المسمى ب «الاعتقاد»: «باب القول في الاستواء» قال الله تبارك وتعالى: ? الرحمن على العرش استوى ? ثم ذكر آيات في ذكر استواء الرب على العرش , وآيات في ذكر علو الله على خلقه , وقد ذكر الآيات أيضاً والكلام عليها في كتابه المسمى ب «الأسماء والصفات» ونقلت من كلامه ما يتعلق بالرد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية فليراجع ذلك مع الكلام على قول الله تعالى: ? أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ? الآية.
قول أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي:
ذكر الذهبي في كتاب «العلو» عنه أنه قال في كتاب «الحجة» له , وأن الله تعالى مستو على عرشه بائن من خلقه كما قال في كتابه.
قول أبي جعفر الهمداني:
قال شارح العقيدة الطحاوية: ذكر محمد بن طاهر المقدسي أن الشيخ أبا جعفر الهمداني حضر مجلس الأستاذ أبي المعالي الجويني المعروف بإمام الحرمين , وهو يتكلم في نفي صفة العلو ويقول: كان الله ولا عرش وهو الآن على ما كان. فقال الشيخ أبو جعفر: أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا , فإنه ما قال عارف قط يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة يطلب العلو , ولا يلتفت يمنة ولا يسرة. فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا؟ قال: فلطم أبو المعالي على رأسه ونزل , وأظنه قال: وبكى , وقال: حيّرني الهمداني. وقد ذكر هذه القصة ابن القيم في كتاب «اجتماع الجيوش الإسلامية» بنحو ما ذكرها شارح العقيدة الطحاوية. وذكرها الذهبي في كتاب «العلو» فقال: قال أبو منصور بن الوليد الحافظ في رسالة له إلى الزنجاني: أنبأنا عبد القادر الحافظ بحران , أنبأنا الحافظ أبو العلاء , أنبأنا أبو جعفر ابن أبي علي الحافظ قال: سمعت أبا المعالي الجويني , وقد سئل عن قوله: ? الرحمن على العرش استوى ? فقال: كان الله ولا عرش , وجعل يتخبط في الكلام فقلت: قد علمنا ما أشرت إليه فهل عندك للضرورات من حيلة؟ فقال: ما تريد بهذا القول , وما تعني بهذه الإشارة؟ فقلت: ما قال عرف قط يا رباه إلا قبل أن يتحرك لسانه قام من باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوق , فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة , فنبئنا نتخلص من الفوق والتحت , وبكيت وبكى
¥