قلت: قوله: بلا حد ولا صفة معناه أنه لا يحد استواء الرب على العرش ولا توصف كيفيته كما قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك بن أنس: الاستواء معلوم , والكيف غير معقول. قال شيخ الإسلام: وأيضاً فإنه افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم , فكان السياق يدل على أنه أراد أنه عالم بهم. ثم ذكر أن لفظ المعية في اللغة – وإن اقتضى المجامعة والمصاحبة والمقارنة , فهو إذا كان مع العباد لم يناف ذلك علوه على عرشه , ويكون حكم معيته في كل موطن بحسبه , فمع الخلق كلهم بالعلم والقدرة والسلطان , ويخص بعضهم بالإعانة والنصر والتأييد. انتهى.
قول الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي:
قد صنف الذهبي رحمه الله تعالى في إثبات علو الله على عرشه كتابه المسمى ب «العلو للعلي الغفار» وساق فيه أدلة العلو من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء إلى قريب من زمانه , ومنهم من حكى الإجماع على أن الله تعالى فوق عرشه ومع الخلق بعلمه , وقال في أثناء الكتاب: ويدل على أن الباري تبارك وتعالى عالٍ على الأشياء فوق عرشه المجيد , غير حال في الأمكنة قوله تعالى: ? وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ? ثم ساق آيات وأحاديث كثيرة في إثبات العلو فليراجع , وليراجع الكتاب كله فإنه كثير الفوائد عظيم المنفعة.
قول العلامة شمس الدين ابن القيم:
قد صنف ابن القيم رحمه الله تعالى في إثبات علو الله على خلقه كتابه المسمى ب «اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية» وساق فيه أدلة العلو من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء إلى قريب من زمانه , ومنهم من حكى الإجماع على أن الله تعالى فوق عرشه , وهو مع الخلق بعلمه , فليراجع الكتاب كله فإنه كثير الفوائد عظيم المنفعة.
ولابن القيم أيضاً فصول في كتابه المسمى ب «الكافية الشافية» وفي كتابه المسمى ب «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة» قرر فيها علو الرب تبارك وتعالى فوق جميع المخلوقات , ورد فيها على أهل التشبيه والتعطيل. فلتراجع أيضاً.
قول الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير:
قال في تفسير سورة الحديد وقوله تعالى: ? وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير ? أي رقيب عليكم , شهيد على أعمالكم حيث كنتم وأين كنتم من بر أو بحر , في ليل أو نهار , في البيوت أو في القفار , الجميع في علمه على السواء , وتحت بصره وسمعه فيسمع كلامكم , ويرى مكانكم , ويعلم سركم ونجواكم. وقال في تفسير سورة المجادلة: ثم قال تعالى مخبراً عن إحاطة علمه بخلقه , واطلاعه عليهم وسماعه كلامهم , ورؤيته مكانهم حيث كانوا وأين كانوا فقال تعالى: ? ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة ? أي من سر ثلاثة ? إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ? أي مطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم , ورسله أيضاً مع ذلك تكتب ما يتناجون به مع علم الله به وسمعه له. ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه الآية معية علمه تعالى , ولا شك في إرادة ذلك , ولكن سمعه أيضاً مع علمه بهم , وبصره نافذ فيهم , فهو سبحانه وتعالى مطلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شيء. ثم قال تعالى: ? ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ? قال الإمام أحمد: افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم. انتهى.
فهذا ما تيسر إيراده من أقوال أكابر العلماء في إثبات العلو لله تعالى , وأنه فوق جميع المخلوقات , مستو على عرشه , بائن من خلقه , والخلق بائنون منه , وأن معيته لخلقه معية العلم والإحاطة والاطلاع والسماع والرؤية. وأن له معية خاصة مع أنبيائه وأوليائه , وهي معية النصر والتأييد والكفاية. ولم يأت في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان ما يدل على أن معية الله لخلقه معية ذاتية , وإنما جاء ذلك عن بعض أهل البدع , وهم الذين يقولون: إن الله بذاته فوق العالم , وهو بذاته في كل مكان. وهذا قول باطل مردود بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة والإجماع.
منقول من موقع التصوف العالم المجهول
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[17 - 06 - 09, 09:33 م]ـ
جزاكم الله خيرا ياشيخ عبد الباسط، فهى بحق فائدة عظيمة.
وجزى الله بقية الإخوة خيرا على نقولهم الطيبة.
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[19 - 06 - 09, 01:00 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[05 - 07 - 09, 06:12 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وهنا مسألة وهي أن قد يرد أحدهم فيقول أنه لا يجوز مقابلة المكان بالزمان؟
والجواب: أن الأشاعرة أنفسهم استعملوا مقابلة الزمان بالمكان والعكس.
قال الغزالي في التهافت:
الاعتراض أنه هذا كله من عمل الوهم , وأقرب طريق في دفعه المقابلة للزمان بالمكان .. .
نقلا تهافت التهافت (91) لابن رشد.
¥