وهذا موضع تغلط فيه الأذهان حيث يشتبه عليها ما يأخذه الذهن من الحقائق الموجودة في الخارج بنفس الحقاق الموجودة في الخارج كما يشتبه على بعض الناس الصور الذهنية الكلية المطلقة أنها توجد في الخارج حتى يظن أنها بعينها موجودة في الخارج فالعلم بالحقائق وبعددها وزمانها ومكانها كله متقارب ولا ريب أن الحقائق موجودة في نفسها متميز بعضها عن بعض بنفسها بما فيها من الصفات القائمة بها وما يتبع ذلك من حيزها ووقتها وعددها وليست هذه الأمور جواهر وأعراضا منفصلة عن تلك الحقائق بل هي تارة لسبب بينها وبين غيرها إنما يعقل باعتبار الغيرين ولهذا يكثر تنازع الناس في مثل هذه الأمور هل هي أمور وجودية أو عدمية وبكل حال فقول القائل إن كل وقت يفتقر إلى وقت وكل حيز إلى حيز بمنزلة قوله كل عدد يفتقر إلى عدد وقوله كل حقيقة قائمة بنفسها تفتقر إلى حقيقة قائمة بنفسها
ومما يوضح ذلك أن يقال له أيضا قول القائل ثم حكمنا بأن الزمان حدث لا في زمان أضعف من قول القائل حكمنا بأن الحركة حدثت بلا حركة فإن الزمان هو مفتقر إلى الحركة دون زمان آخر والحركة هي سبب الزمان وإن كانت مقارنة له وليست مفتقرة إلى حركة أخرى فالتعجب من حدوث حركة بلا حركة وهي سبب الزمان وأعني عن الزمان من الزمان عنها أقرب إلى الصواب من تعجب المتعجب من حدوث زمان في غير زمان وإذا كان التعجب من عدم افتقار كل حركة إلى حركة نوعا من السخف والهذيان فالتعجب من عدم افتقار كل زمان إلى زمان أبلغ منه في السخف والهذيان كما يتعجب من عدم افتقار كل فاعل إلى فاعل وهذا السؤال من آخر ما يورده ويسأل عنه الشيطان لعلمه بأنه آخر مراتب الباطل والهذيان.
بيان تلبيس الجهمية (2
289)
فبين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الزمان يراد به أمران:
الأول:مقدار حركة الشمس والقمر , وهذا مخلوق لله , وينزه الله عنه.
الثاني: مجرد التقدير بالحوادث , كما يقال هذا قبل هذا فيراد تقدير ما بين الحوادث بحوادث أخر وهو من باب الفصل والتمييز. وهذا في الحقيقة كما ذكر شيخ الإسلام تقدير ذهني وليس حقيقي.
وأهل البدع اشتبه عليهم الأول بالثاني.
وبين أيضا أن الحركة تسبق الزمان وهي سبب الزمان , والزمان هو المفتقر إلى الحركة وليس العكس.
وأما كيف يثبتون الإرادة مع نفيهم الصفات الاختيارية أو الفعلية , فالجواب كما تقدم في مبحث سابق أنهم يقولون بالتعلق والمتعلقات فهم يفرقون بين تعلق الصفة القديم أي قيامها بذات الله منذ الأزل أي أن الله مريد منذ الأزل وبين تعلقها التنجيزي بعد ذلك فهو تعلق عدمي أي في الحقيقة لا شيء فهم ينكرون تجدد الإرادة , لأن التجدد من صفات المحدثات زعموا.
واصطلحوا على تسميتها بالتعلق , أو المتعلقات.
وقد تقدم كلام شيخ الإسلام في هذا المقال أنه لا فرق في الحقيقة بين التعلق وبين القول بالصفات الاختيارية إلا اللفظ , وهو لازم لهم بل وتناقض منهم.
والله أعلم.
راجع مقال التعلق والمتعلقات.
ـ[تاجر فاطمة]ــــــــ[29 - 06 - 09, 03:05 م]ـ
عندي استفسار بخصوص علاقة المالكية بالاشعرية خصوصا في عهد الايوبيين الشوافع الاشاعرة الذين شجعوا جميع المذاهب السنية في عهدهم?
ـ[أبو زرعة حازم]ــــــــ[29 - 06 - 09, 03:26 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا وجزاك خيراً
سبحان الله كنت في مشاركتي الأولى اقتبست من مشاركتك لأصحح ثم سهوت عن ذلك
فلم يلزم الاحتجاج إلى الغير وهو المجمع على تنزيهه تعالى عنه.
لعل الصواب الاحتياج
ـ[أبو زرعة حازم]ــــــــ[29 - 06 - 09, 05:03 م]ـ
السلام عليكم
شيخنا الكريم طلب آخر أسأل الله أن ينفع به واعذرني لكثرة طلباتي لكن هذا لمحبة نشر العلم والسنة
لو جمعتَ في موضوع مفرد مفردات الأشاعرة ومحدثاتهم في مسائل الاعتقاد وتكون على قسمين:
1 - ما لم يسبقهم إليها أحد.
2 - ما انقرض القائلون به من غير الأشاعرة وإن سبقوا له.
وفي موضوع آخر:
1 - ما نصر فيه الأشاعرة قول المعتزلة على قول أئمة أهل الستة كأحمد رحمه الله في مسألة خلق القرآن واليوم هم يجهرون بهذا ويقولون أن عقله لم يبلغ فهم المسألة أو في أحسن الأحوال يقولون فهمها لكنه كتمها تورعاً!!.
2 - ما صرحوا فيه بأن خلافهم مع المعتزلة لفظي.
قد يكون ذلك قد طرح من قبل في الملتقى لكن لم يستوعب ولم يختص ولعلمي بسعة اطلاعك على كتب القوم بارك الله فيك.
سبحان الله كنت قد قرأت مقالة التعلق والمتعلقات من قبل ولكنها غابت عني ولا أزال أعجب من مناقضة مذهبهم للعقل وعدم إمكان تصوره.
الحمد لله على نعم الإسلام والسنة والعقل.
ـ[أبو البركات بن أبي عامر]ــــــــ[29 - 06 - 09, 08:41 م]ـ
اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه
ـ[محمد المصري الأثري]ــــــــ[29 - 06 - 09, 09:58 م]ـ
وأن المخلوقات التي خلقها لم يكن منه عند خلقها فعل أصلاً بل عين المخلوقات هي الفعل ليس هناك فعل ومفعول وخلق ومخلوق بل المخلوق عين الخلق والمفعول عين الفعل ونحو ذلك.
شيخنا الكريم ما معنى هذا الكلام من شيخ الاسلام
بارك الله فيكم
¥