تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا تقرر هذا فلفظ المعرفة جاء في القرآن على جهة الذم قال جل وعلا ?يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا? [النحل:83] وقال جل وعلا ?الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ? [الأنعام:20] والآية الأخرى أيضا في الأنعام، والآية الأخرى أيضا في البقرة في هذا، فلفظ المعرفة جاء على جهة الذم في غالب ما جاء في الكتاب والسنة، وقد يكون يأتي على معنى العلم، كما في هذا الحديث.

فإذن قوله (تَعَرَّفْ إلِى الله فِي الرخَاء يَعْرِفْكَ فِي الشَّدَّةِ) من جهة الصفات هذا بحثه، ما معناه معرفة الله للعبد في الشدة؟ قال العلماء: هذه معناها المعيّة، ومعرفة الله جل وعلا للعبد في الشدة يعني أنْ يكون معه بمعية النصر والتأييد والتوفيق وأشباه ذلك) اهـ.

و قال العلامة العثيمين في (شرح الأربعين):

(("تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" تعرف: أي: اطلب معرفة الله لك –عزوجل- يعلم كل أحد سواء تعرف إليه أم لا، لكن هذه المعرفة معرفة خاصة؛ " ... "

"يعرفك" أي: الله –عزوجل- معرفة خاصة "في الشدة" أي: في حال الشدة عليك، فيعرفك إذا مرضت، يعرفك إذا افتقرت، يعرفك إذا خفت، وأهم شيء أن يعرفك عند الموت فيثبتك ويسددك، لأن أشد ما على الإنسان حين الموت، فإذا تعرفت إلى الله في الرخاء عرفك في الشدة)) اهـ.

ثم قال في فوائد الحديث-أعني العلامة العثيمين-:

((و من فوائد هذا الحديث: أن الله يوصف بأنه عارف، لقوله: "يعرفك"، ولكن هذا إذا أريد به المعرفة الخاصة لا العامة، و إلا فلا يجوز إطلاق عارف على الله تعالى بالمعنى العام، انتبه لهذا؛ إذاً يعرفك المراد بذلك ماذا؟

المعرفة الخاصة، أما المعرفة بالمعنى العام فلا يجوز أن يوصف الله بها.

قال العلماء – رحمهم الله تعالى -:

لأن المعرفة انكشاف بعد خفاء، ولأنها –أي المعرفة- تشمل العلم اليقيني و الظن، ولأنها تتعلق بالمحسوسات.

تقول: عرفت فلانا يعني عرفت جسمه، و لا تقل علمته اللهم إلا مجازا، فلهذا نص في "مختصر التحرير" على أن الله تعالى لا يُسمى عارفا، لا يوصف بأنه عارف، فإذا أورد عليه مورد هذا الحديث، قلنا: إن هذه معرفة خاصة)) اهـ.

و الله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير