و جاء نحوه من كلام سفيان الثوري:
أخرج الخطيب في الكفاية (133 - 134): (أخبرنا أبو سعد الماليني قال انا عبد الله بن عدي قال ثنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل الغزي قال ثنا أبي قال حدثنا رواد بن الجراح قال سمعت سفيان الثوري يقول: لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان فلا بأس بما سوى ذلك من المشايخ). إسناده ضعيف.
و أخرج نحوه الخطيب في الجامع (2/ 91): (أنا ابو طالب عمر بن محمد بن عبيد الله المؤدب أنا عمر بن ابراهيم المقرئ نا أحمد بن ابراهيم نا محمد بن عوف الطائي نا محمد بن عمرو الغزي نا رواد قال سمعت سفيان الثوري يقول خذوا هذه الرغائب وهذه الفضائل من المشيخة فأما الحلال والحرام فلا تأخذوه إلا عمن يعرف الزيادة فيه من النقص)
و أخرج نحوه الرامهرمزي في المحدث الفاصل (406): (حدثنا عمر بن اسحاق الشيرازي ثنا أبو هارون اسماعيل بن محمد الثقفي ثنا رواد بن الجراح قال قال سفيان الثوري: خذ الحلال والحرام من المشهورين في العلم وما سوى ذلك فمن المشيخة).
قلت: و قول بن عيينة يحتاج إلى شيء من التحرير، لأن بعضهم قد أخذ من هذا القول و ما شابهه من أقوال أئمة السلف دليلا على جواز العمل بالحديث الضعيف.
قال الشيخ العلامة المحدث أحمد محمد شاكر رحمه الله في الباعث الحثيث (1/ 279) (بتعليق العلامة الألباني):
(و أما ما قاله أحمد بن حنبل و عبد الرحمن بن مهدي و عبد الله بمن المبارك: " إذا روينا في الحلال و
الحرام شددنا و إذا روينا في الفضائل و نحوها تساهلنا "، فإنما يريدون به – فيما أرجح و الله أعلم – أن التساهل إنما
هو في الأخذ بالحديث الحسن الذي لم يصل إلى درجة الصحة، فإن الإصطلاح في التفرقة بين الصحيح و الحسن لو يكن في عصرهم مستقرا واضحا، بل كان أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة أو الضعف فقط).
و علق على هذا العلامة الألباني في مقدمة (صحيح الجامع الصغير و زيادته) (1/ 52) قائلا: (و عندي وجه آخر في ذلك: و هو أن يحمل تساهلهم المذكور على روايتهم إياها مقرونة بأسانيدها – كما هي عادتهم – هذه الأسانيد التي بها يمكن معرفة ضعف أحاديثها، فيكون ذكر السند مغنيا عن التصريح بالضعف، و أما أن يرووها بدون أسانيدها، كما هي طريقة الخلف، و دون بيان ضعفها، كما هو صنيع جمهورهم، فهم أجل و أتقى لله عز و جل من أن يفعلوا ذلك، و الله تعالى أعلم.) انتهى.
قلت: و مما يؤكد ما رجحه العلامة أحمد شاكر رحمه الله أن الرواة الذين ذكراهم الإمامان سفيان و أحمد، كبقية بن الوليد (كما نقله المصنف و غيره عن بن عيينة) و محمد بن إسحاق (كما نقل عن الإمام أحمد) و عمرو بن شعيب
(كما نقله شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله عن الإمام أحمد)، هم من الرواة الذين يصنفون في الصدوقين الذين يحسن حديثهم كما استقر الأمر و ترجح الحال عند النقاد. فبقية بن الوليد مشهور بالتدليس كما تقدم، حديثه حسن فيما صرح فيه بالتحديث كما هو العمل عليه عند المتأخرين.
و كذلك الأمر بالنسبة لعمرو بن شعيب فجمهور النقاد يحسنون حديثه بل إن بعض المتأخرين رجح تصحيح حديثه كالعلامة أحمد شاكر. قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في المجموع (18/ 8): (و أما أئمة الأعلام و جمهور العلماء فيحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا صح النقل إليه، مثل مالك بن أنس و سفيان بن عيينة و نحوهما، و مثل الشافعي و أحمد بن حنبل و إسحاق بن راهويه و غيرهم) انتهى.
و قال أيضا رحمه الله (18/ 65): (قول أحمد بن حنبل: إذا جاء الحلال والحرام شددنا فى الأسانيد وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا فى الأسانيد وكذلك ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف فى فضائل الأعمال:
ليس معناه إثبات الإستحباب بالحديث الذى لا يحتج به فإن الإستحباب حكم شرعى فلا يثبت إلا بدليل شرعى ومن أخبر عن الله أنه يحب عملا من الأعمال من غير دليل شرعى فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله كما لو أثبت
¥