تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم ذكر الحافظ روايات أخر لغير البخاري فيها الجمع بين إبراهيم و آل إبراهيم. و الظاهر أن الشيخ الألباني أخذ تعقبه على ابن القيم من كلام ابن حجر و يدل على ذلك إحالته في هامش صفحة 128 على فتح الباري في معرفة الأجوبة عن وجه التشبيه في قوله " كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم "، و الأجوبة و التعقب على ابن القيم كلها في باب واحد فلو أن الألباني نسب التعقب إلى قائله الأول لكان أليق به و أولى من نسبته إلى نفسه.

التنبيه الثاني عشر

في صفحة 138 ذكر المؤلف قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح (اللهم إني أعوذ بك من المأثم و المغرم) ثم فسر المغرم في الحاشية بأن المراد به الذنوب و المعاصي.

و أقول هذا قول ضعيف جداً ذكره ابن الأثير في النهاية و تبعه ابن منظور في لسان العرب، و لم يعرج على ذلك غيرهما من أئمة اللغة فيما علمت، و لم يعرج عليه أيضاً ابن الأثير في جامع الأصول، و على هذا القول الضعيف يكون معنى المأثم و المغرم واحداً، و لا يكون للعطف فائدة، و من المعلوم أن العطف يقتضي المغايرة، و الصحيح أن المراد بالمغرم ههنا الغرم و هو الدين قال الجوهري: الغرامة ما يلزم اداؤه و كذلك المغرم و الغرم.

و قال ابن الأثير في جامع الأصول: المغرم بأن يلتزم الإنسان ما ليس عليه كمن يتكفل إنساناً بدين فيزنه عنه. و قال الراغب الأصفهاني: الغرم ما ينوب الإنسان في ماله من ضرر لغير جناية يقال غرم كذا غرماً و مغرماً. و قال النووي في شرح مسلم: المغرم معناه الغرم و هو الدين.

و قال ابن حجر في فتح الباري: المغرم الدين يقال غرم بكسر الراء أي أدان قال و قد استعاذ صلى الله عليه و سلم من غلبة الدين. قلت: و في الحديث الذي ساق الشيخ الألباني بعضه ما يبين أن المراد بالمغرم الدين، ففي الصحيحين، و سنني أبي داود و النسائي عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يدعو في الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، و أعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، و أعوذ بك من فتنة المحيا و الممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم و المغرم) فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم!. فقال: (إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، و وعد فاخلف). قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: و المراد أن ذلك شأن من يستدين غالباً انتهى.

و في صحيح مسلم عن أبي اليسر كعب بن عمرو – رضي الله عنه – قال: كان علي على فلان بن فلان الحزامي مال فأتيت أهله فسلمت، فقلت: ثم هو؟. قالوا: لا. فخرج علي ابن له جفر، فقلت له: أين أبوك؟. قال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي. فقلت: أخرج إليّ فقد علمت أين أنت، فخرج فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟. قال: أنا و الله أحدثك ثم لا أكذبك، خشيت و الله أن أحدثك فاكذبك، و أن أعدك فأخلفك، و كنت صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم، و كنت و الله معسراً.

و ذكر تمام الحديث، و المقصود منه قوله: خشيت و الله أن أحدثك فاكذبك، و أن أعدك فأخلفك. فهذا صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم اختبأ من غريمه من أجل إعساره خوفاً من الوقوع في الكذب و إخلاف الوعد، و الذي خشي منه صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم، و هو الذي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتعوذ في صلاته من انعقاد سببه و هو الغرم، و الله أعلم. و الحكمة في جمع النبي صلى الله عليه و سلم بين المأثم و المغرم، أن المأثم يوجب خسارة الآخرة، و المغرم يوجب خسارة الدنيا. أفاد ذلك العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – و الله الموفق.

التنبيه الثالث عشر

قال المؤلف في آخر النبذة ما نصه: (تنبيه هام: أن رسالة الصلاة المنسوبة إلى الأمام أحمد – رضي الله عنه – و التي أعيد طبعها مراراً قد ثبت لدينا أنه لا تصح نسبتها إلى الإمام أحمد بل قال الحافظ الذهبي فيها: أخشى أن تكون موضوعة. و سننشر تحقيقنا في ذلك قريباً إن شاء الله تعالى و عليه فلا يغتر أحد بما جاء فيها من المخالفة لكتابنا هذا) ا. هـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير