تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمثلاً من تعاريف الحنفية: هو اللبث في المسجد مع الصوم ونية الاعتكاف ().

ومن تعاريف المالكية: هو لزوم مسلم مميز مسجداً مباحاً بصوم كافاً عن الجماع ومقدماته يوماً وليلة فأكثر للعبادة بنية ().

ومن تعاريف الشافعية: اللبث في المسجد من شخص مخصوص بنية ().

ومن تعاريف الحنابلة: لزوم المسجد لطاعة الله على صفة مخصوصة عاقل، ولو مميزاً طاهر مما وجب غسلاً ().

وعرفه ابن حزم بأنه: "الإقامة في المسجد بنية التقرب إلى الله عز وجل ساعة فما فوقها ليلاً أو نهاراً".

وعلى هذا فالاعتكاف في الشرع: لزم مسجد لعبادة الله تعالى من شخص مخصوص على صفة مخصوصة.

قال شيخ الإسلام: "لو قيل: لعبادة الله تعالى كان أحسن – أي بدلاً من طاعة الله تعالى – فإن الطاعة موافقة الأمر، وهذا يكون بما هو في الأصل عبادة كالصلاة، وبما هو في الأصل غير عبادة، وإنما يصير عبادة بالنية، كالمباحات كلها بخلاف العبادة فإنها التذلل للإله سبحانه وتعالى" ().

وقال شيخ الإسلام: "ولما كان المرء لا يلزم ويواظب إلا من يحبه ويعظمه، كما كان المشركون يعكفون على أصنامهم وتماثيلهم، ويعكف أهل الشهوات على شهواتهم شرع الله لأهل الإيمان أن يعكفوا على ربهم سبحانه وتعالى.

وأخص البقاع بذكر اسمه سبحانه والعبادة له بيوته المبنية لذلك، فلذلك كان الاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله" ().

والاعتكاف من الشرائع القديمة ()، كما قال تعالى: ?وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ? ().

وقال تعالى: ?فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً? ()، وقال تعالى: ?كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً? ().

قال شيخ الإسلام: "ولأن مريم عليها السلام قد أخبر الله سبحانه أنها جعلت محررة له، وكانت مقيمة في المسجد الأقصى في المحراب، وأنها انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً فاتخذت من دونهم حجاباً، وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه" ().

ولحديث ابن عمر ?، في نذر عمر أن يعتكف ليلة في الجاهلية، فقال النبي ?: "أوف بنذرك" ().

المطلب الثاني: بيان حكمته

أما حكمة شرعية الاعتكاف فبينها ابن القيم رحمه الله بقوله:

"لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى، متوقفاً على جمعيته على الله، ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى، فإن شعث القل لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام، مما يزيده شعثاً، ويشتته في كل واد، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى، أو يضعفه، أو يعوقه ويوقفه: اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة، بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يضره ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحدث سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم" ().

والحكمة من تخصيصه ? العشر الأواخر من رمضان، فقد بينها ?، كما في حديث أبي سعيد الخدري ?، أن النبي ?: "اعتكف الشعر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه، فقال: إني أعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل: إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه…" ().

الفصل الأول

أدلة مشروعيته، وحكمه، وقسماه، وزمنه

وفيه مباحث:

المبحث الأول: أدلة مشروعيته.

المبحث الثاني: حكمه.

المبحث الثالث: قسماه.

المبحث الرابع: زمنه.

المبحث الأول

أدلة مشروعيته

الاعتكاف مشروع بالكتاب والسنة وآثار الصحابة والإجماع.

فالكتاب:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير