تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله تعالى: ?وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ? ().

وقوله تعالى: ?وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد? ().

فإضافة الاعتكاف إلى المساجد المختصة بالقربات، وترك الوطء المباح لأجله دليل على أنه قربة.

وأما السنة وآثار الصحابة:

فكثيرة؛ منها: حديث عائشة ? قالت: "كان رسول الله ? يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده" ().

ويأتي في ثنايا البحث كثير من الأحاديث النبوية.

وأما آثار الصحابة ?، فتقدم قريباً عن ابن عمر وابن عباس ? ()، ويأتي أيضاً في ثنايا البحث عن علي وابن مسعود وحذيفة وابن عمر، وغيرهم ?.

وأما الإجماع:

فنقلة غير واحد من العلماء:

قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضاً إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذراً فيجب عليه" ().

وقد نقله أيضاً ابن حزم ()، والنووي ()، وابن قدامة ()، وشيخ الإسلام ()، والقرطبي ()، وابن هبيرة ()، والزركشي ()، وغيرهم ().

(فرع)

ولم يرد في فضل الاعتكاف شيء من الأحاديث الثابتة عن النبي ? قال أبو داود في مسائله: "قلت لأحمد تعرف في فضل الاعتكاف شيئاً؟ قال: لا، إلا شيئاً ضعيفاً" ().

وقد روى ابن عباس ? أن رسول الله ? قال في المعتكف: "هو الذي يعكف الذنوب ويجرى له من الحسنات كعامل الحسنات كلها" ().

وروى أبو الدرداء مرفوعاً: "من اعتكف ليلة كان له كأجره عمرة، ومن اعتكف ليلتين كان له كأجر عمرتين .. " ()، ثم ذكر على قدر ذلك.

المبحث الثاني

وفيه ثلاث مطالب:

المطلب الأول: حكمه لغير المرأة.

المطلب الثاني: حكمه للمرأة.

المطلب الثالث: حكمه في غير رمضان والعشر الأواخر منه.

المطلب الأول: حكمه لغير المرأة:

حكم الاعتكاف لغير سنة، وقد حكي إجماعاً ().

لأدلة مشروعية الاعتكاف المتقدمة ().

وعن الإمام ملك: كراهة الاعتكاف أخذها ابن رشد ()، من قول الإمام مالك: "ما رأيت صحابياً اعتكف، وقد اعتكف ? حتى قبض وهم أشد الناس فلم أزل أفكر حتى أخذ بنفسي أنه لشدته نهاره وليله سواء كالوصال المنهي عنه مع وصاله المنهي عنه".

وقال أيضاً: ما بلغني أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا ابن المسيب، ولا أحداث من سلف هذه الأمة اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الرحمن وذلك – والله أعلم – لشدة الاعتكاف" ().

وعلل بعض المالكية: ما ظهر عن الإمام مالك من كراهية الاعتكاف، أنه من الرهبانية المنهي عنها ().

وعلل ابن رشد: أن مالكاً كرهه مخافة أن لا يوفي شرطه ().

وأخذ منه بعض المالكية: استحباب الاعتكاف دون سنيته ().

ولا يسلم ما ذكره الإمام مالك رحمه الله، فإن الصحابة ? اعتكفوا معه في حياته ?، لما روى أبو سعيد ? أن النبي ?: "اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط… فكلم الناس فدنوا منه، فقال: إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه…" ().

وأيضاً: اعتكف أزواجه بعده.

قال ابن حجر رحمه: "لعل أراد صفة مخصوصة، وإلا فقد حكيناه عن غير واحد من الصحابة أنه اعتكف" ().

كعلي بن أبي طالب ()، ويعلى بن أمية ? ().

وروى عطاء قال: "كان ابن عمر إذا أراد أن يعتكف ضرب خباء أو فسطاطاً، فقضى فيه حاجته، ولا يأتي أهله، ولا يدخل سقفاً" ().

وأيضاً تبيين الصحابة ? لأحكامه يظهر منه فعلهم له ().

وإلحاق الإمام مالك الاعتكاف بالوصال فيه نظر، إذ الاعتكاف ثبت بأمره ? وفعله، بخلاف الوصال فقد نهى ? إلا إلى السحر ().

وأيضاً فإن الوصال يضعف البدن، بخلاف الاعتكاف.

وأما إلحاق بعض المالكية له بالرهبانية المنهي عنها. فغير مسلم، لما تقدم من أدلة مشروعيته.

وقد روى أبو داود عن الإمام أحمد أنه قال: "لا أعلم عن أ؛ د من العلماء خلافاً أنه مسنون" ().

وقال الزهري: "عجباً من الناس كيف تركوا الاعتكاف؟ ورسول الله ? كان يفعل الشيء ويتركه، وما ترك الاعتكاف حتى قبض" ().

المطلب الثاني: حكمه للمرأة ():

اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الاعتكاف للمرأة على قولين:

القول الأول: أنه يسن لها الاعتكاف كالرجل.

وهو قول جمهور أهل العلم ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير