2 - قول النبي ? لعائشة لما حاضت وهي محرمة: "افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت" ().
فم ينهها إلا عن الطواف بالبيت فقط، ومن الباطل المتيقن أ، يكون لا يحل لها دخول المسجد، فلا ينهاها عليه السلام عن ذلك ويقتصر على منعها من الطواف ().
ونوقش: بأن النبي ? بين ما يباح لها مما يتعلق بالنسك فحسب، وإلا فتحرم عليها الصلاة ومس المصحف، وقراءة القرآن عند طائفة من العلماء، وكذا دخول المسجد، فعمومه ليس مراداً.
3 - ما روت عائشة أم المؤمنين:"أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها فجاءت إلى رسول الله ? فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش" () ().
قال ابن حزم: "فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي والمعهود من النساء الحيض فما منعها عليه السلام من ذلك، ولا نهى عنه، وكل ما لم ينه عنه فمباح" ().
ويمكن أن يناقش: باحتمال أنها قد دخلت في سن اليأس، وبه يزول المانع، أو أنها تخرج في أيام حيضها، لما هو معلوم عندهم من المنع، أو أن ذلك للضرورة، لعدم وجود المكان الذي تأوي إليه، والله أعلم.
4 - ما ثبت من حديث أبي هريرة ? من قوله النبي ? "إن المؤمن ليس بنجس" ().
قال ابن المنذر: وإذا ثبت أن النبي ? قال هذا وكان تأويل قوله تعالى: ?وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيل? ()، ما قد ذكرناه ()، وجب ألا يمنع من ليس بنجس من المسجد إلا بحجة، ولا نعلم حجة ().
ونوقش: بأنه لا يلزم من عدم نجاستها جواز لبثها في المسجد ().
5 - ما روته عائشة ?؛ قالت: "اعتكفت مع رسول الله امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحرمة والصفرة؛ فربما وضعت الطست () تحتها وهي تصلي" ().
والشاهد منه: إقراره ? لاعتكاف المستحاضة، والحائض مثلها لا فرق ().
ونوقش: بالفارق؛ لأن الاستحاضة حدث لا يمنع الصلاة فلم يمنع اللبث كخروج الدم من أنفه ().
6 - حديث عائشة ? أن النبي ? قال لها: "ناوليني الخمرة من المسجد" قالت: إني حائض. قال: "إن حيضتك ليست في يدك" () ().
7 - حديث ميمونة؛ قالت: "كان رسول الله ? يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض، وتقوم إحدانا بالخمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض" ().
ونوقش: بأنه محمول على الحاجة أو العبور جمعاً بين الأدلة.
8 - أن المشرك يجوز أن يمكث في المسجد بدليل قصة ثمامة بن أثال ? ()، فالمسلمة الحائض من باب أولى ().
ونوقش من أوجه:
الوجه الأول: أن الشرع قد فرق بينهما، فقام دليل تحريم مكث الجنب بخلاف المشرك فقد حبسه النبي ط في المسجد، فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية.
الوجه الثاني: عدم التسليم بجواز مكث الكافر، فهو ممنوع، وقصة ثمامة واقعة عين لا عموم لها.
الوجه الثالث: على التسليم بجواز مكث الكافر، فلأن الكافر لا يعتقد حرمة المسجد فلا يكلف بخلاف المسلم ().
ونوقش: بعدم التسليم فهم مخاطبون بفروع الشريعة، فيعاقبون على ترك الواجبات، وفعل المحرمات.
9 - أن الأصل عدم التحريم، وليس لمن حرم دليل صحيح صريح ().
ونوقش: بعدم التسليم كما تقدم في أدلة الجمهور.
الترجيح:
الراجح – والله أعلم – ما ذهب إليه جمهور أهل العلم وهو اشتراط الطهارة من الحيض والنفاس والجنابة لصحة الاعتكاف؛ لما تقدم من الأدلة على حرمة لبثهم في المسجد.
وإن جاز للجنب اللبث في المسجد بعد الوضوء، كما هو مذهب الحنابلة لكن تقدم أن الاعتكاف لا يكون أقل من يوم أو ليلة ().
فرع: اعتكاف المستحاضة، ونحوها ممن حديثه دائم.
يصح اعتكاف المستحاضة باتفاق الأئمة.
وقد نقل ابن جرير وغيره: الإجماع على أنها تقرأ القرآن، وأن عليها جميع الفرائض التي على الطاهر ().
ويدل لذلك: ما روته عائشة ? قالت: "اعتكفت مع رسول الله ? امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي ().
قال العيني: "ويلحق بالمستحاضة ما في معناها كمن به سلس البول، والمذي، والودي، ومن به جرح يسيل في جواز الاعتكاف" ().
ويشترط: عدم تلويث المسجد، ولهذا وضعت الطست تحتها لئلا يصيب المسجد، ويأتي منع المعتكف من كل ما فيه تقذير للمسجد ().
المطلب السادس:
شرط إذن السيد والزوج للرقيق والزوجة
وفيه مسائل:
المسألة الأول: اعتبار إذن السيد والزوج للرقيق والزوجة.
المسألة الثانية: ملك السيد والزوج تحليل الرقيق والزوجة من اعتكافهما.
المسألة الثالثة: فروع تتعلق بالرقيق.
¥