تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما دليل من صحح الاعتكاف في كل مسجد إلا مساجد البيوت - وهم المالكية والشافعية -:

فعموم قوله تعالى: ?وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? ().

وهذا عام يشمل كل المساجد ولا يقبل تخصيصها ببعض المساجد إلا بدليل ().

ونوقش هذا الاستدلال: بأن هذا العموم مخصص بالأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة في المساجد، والاعتكاف في مسجد لا تقام فيه الجماعة يؤدي إلى أحد محذورين: إما ترك واجب وهو صلاة الجماعة، أو كثرة الخروج من المسجد لأداء صلاة الجماعة وهو مناف لركن الاعتكاف" ().

وأما دليل من قال: لا يصح الاعتكاف إلا مسجد جامع ما يلي:

1 - قول عائشة رضي الله عنها السابق، وفيه: " ... ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" ().

وتقدم أنه مدرج من الزهري.

2 - قول علي ?: "لا اعتكاف إلا في مصر جامع" ().

ونوقش: بعدم ثبوته.

وأما دليل من قال: لا يصح الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة:

فحديث حذيفة ?، أنه قال لعبدالله بن مسعود ?: "عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا يضر؟ وقد علمت أن رسول الله ? قال: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة. فقال عبدالله: لعلك نسيت وحفظوا، أو أخطأت وأصابوا" ().

ونوقش هذا الاستدلال من أوجه:

الوجه الأول: أنه لا يثبت مرفوعاً للنبي ?.

الوجه الثاني: أنه لو كان ثابتاً مرفوعاً لاشتهر ذلك بين الصحابة، وقد خالفه علي بن أبي طالب وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم ().

الوجه الثالث: أنه لو قيل بموجب هذا الحديث لكانت (أل) في قوله تعالى: ?وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? (). للعهد الذهني، ولا دليل على ذلك في الآية، بل هي للعموم وهذا هو الأصل ().

الوجه الرابع: أنه لو قيل: بموجب هذا الحديث لكان حملاً للآية على النادر وهذا من معايب الاستدلال ().

الوجه الخامس: على فرض ثبوته، فالمراد: لا اعتكاف كامل لما تقدم من أدلة الرأي الأول.

الترجيح:

الراجح – والله أعلم - أن الاعتكاف يصح في كل مسجد جماعة؛ لما استدلوا به، ولورود المناقشة على أدلة المخالفين.

الأمر الثاني: ضابطه للمرأة:

تقدم أن الراجح أن مكان الاعتكاف للرجل هو كل مسجد تقام فيه الجماعة.

واختلف العلماء في مكان اعتكاف المرأة على قولين:

القول الأول: أنه يصح اعتكافها في كل مسجد، وإن لم تقم فيه الجماعة سوى مسجد بيتها.

وهو قول جمهور العلماء ()، لكن كره الشافعي: أن تعتكف في مساجد الجماعة.

القول الثاني: أن مكان اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وإن اعتكفت في مسجد الجماعة جاز، لكن مع الكراهة التنزيهية.

وهو قول الحنفية ().

وعندهم: أن الخنثى حكمه حكم الرجل، لاحتمال ذكوريته.

أدلة الجمهور:

استدل الجمهور بالأدلة الآتية:

1 - قوله تعالى: ?وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? ().

وجه الدلالة: أن المراد بالمساجد هنا المواضع التي بنيت للصلاة فيها، وموضع صلاتها في بيتها ليس بمسجد؛ لأنه لم يبن للصلاة فيه.

فلا يثبت له أحكام المسجد الحقيقية وتسميته مسجد كقوله ?: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" ().

2 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه "استئذان أزواجه ? في الاعتكاف في المسجد فأذن لهن" ().

ولو لم يكن موضعاً لاعتكافهن لما أذن فيه، ولو كان الاعتكاف في غيره أفضل لنبههن عليه.

3 - ولأن الاعتكاف قربة يشترط لها المسجد في حق الرجل فيشترط في حق المرأة كالطواف ().

ثانياً: دليلهم على عدم اشتراط إقامة الجماعة فيه:

أما المالكية والشافعية: فلأنهم لا يشترطون ذلك بالنسبة للرجل فالمرأة من باب أولى ().

وأما الحنابلة: فلأن الجماعة عندهم لا تجب عليها ().

أدلة الحنفية:

أولاً: استدلوا على أن الأفضل أن تعتكف في مسجد بيتها:

1 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خيرٌ لهن" ().

فصريح الحديث أن بيتها أفضل، وهذا يشمل الاعتكاف.

ونوقش: بأن هذا في الصلاة دون الاعتكاف؛ لما تقدم من أدلة الجمهور، وهذا إن سلم الحديث، وإلا فهو معلول بالانقطاع.

2 - أن اعتكافها في بيتها أفضل كصلاتها فيه.

ونوقش من وجهين:

الوجه الأول: أنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد الاعتبار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير