تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقوله تعالى: ? وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? ()، وهي داخلة في اسم المسجد، ولذا يمنع الجنب منها.

وعند المالكية: أن المنارة ليست من المسجد فلا يصح الاعتكاف فيها ().

لأنها موضع متخذ لغير الصلاة ولها اسم يختص بها عن المسجد، كالبيت المتخذ في المسجد لاختزان سرج المسجد وحصره ().

وأجيب: بأن البيت المتخذ لاختزان سرج المسجد وحصره من المسجد لدخوله في اسمه.

والقول بأنها ليست من المسجد غير مسلم فهي مبنية للمسجد لمصلحة الأذان فكانت منه.

وعلى هذا فالأقرب: قول الجمهور.

الفرع الثاني: أن يكون بابها خارج المسجد:

اختلف العلماء في المنارة إذا كان بابها خارج المسجد وصعدها المعتكف هل يبطل اعتكافه؟ على أقوال:

القول الأول: إن كان المؤذن الراتب فلا يبطل اعتكافه، وإن كان غيره بطل اعتكافه.

وبه قال بعض الحنفية ()، وهو المصحح عند الشافعية ()، وبه قال ابن البنا والمجد من الحنابلة ()، وظاهر كلام ابن حزم ().

القول الثاني: أن الصعود إليها لا يبطل الاعتكاف مطلقاً.

وهو ظاهر الرواية عند الحنفية ()، وهو وجه عند الشافعية ().

والقول الثالث: أن الصعود إليها يبطل مطلقاً.

وهو مذهب المالكية ()، ووجه عند الشافعية ()، وهو المصحح عند الحنابلة ().

الأدلة:

دليل الرأي الأول: أنها بنيت للمسجد لمصلحة الأذان، فكانت منه فيما بنيت له، فلا يبطل اعتكاف المؤذن إذا خرج إليها ().

ودليل الرأي الثاني: أنها بنيت للمسجد فكانت تابعة له.

ونوقش: بأنه مسلم أنها تابعة للمسجد، لكن إذا كان بابها خارج المسجد ثم خرج إليها فقد خرج بلا عذر.

ودليل الرأي الثالث: أنه مشى حيث يمشي لأمر منه بد كخروجه إليها لغير الأذان ().

ونوقش: بأن خروج المؤذن للمنارة للأذان كالمستثنى عند الاعتكاف؛ إذ هو أمر موكول إليه فيكون خروجه لعذر.

وعلى هذا فالأقرب: القول الأول؛ لما عللوا به، ولمناقشة دليل القولين الآخرين، والله أعلم.

الفرع الثالث: أن تكون المنارة أو بابها في رحبة المسجد:

فإذا كانت محوطة متصلة به، فلا يبطل الاعتكاف بالصعود إليها؛ إذ هذه الرحبة في حكم المسجد كما تقدم ().

الأمر الخامس: البيت المعد لاختزان سرج المسجد وحصره وكذا ما أعد للساقية:

فعند المالكية: لا يصح الاعتكاف فيه بناء على عدم صحة الجمعة فيه ().

وظاهر كلام جمهور أهل العلم صحة الاعتكاف فيه؛ لعدم استثنائها عندهم.

وهو الأقرب؛ لدخوله في اسم المسجد.

ومثل ذلك أيضاً مكتبة المسجد.

وأما ما بنى عليه المالكية من عدم صحة صلاة الجمعة فيها فغير مسلم، وإن سلم فلا تلازم بين صلاة الجمعة والاعتكاف، والله أعلم.

المسألة الرابعة: أفضل المساجد للاعتكاف:

أفضل المساجد للاعتكاف: المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى ().

لكونها أفضل المساجد؛ لحديث أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" ().

وأفضلها: المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى؛ لحديث أبي هريرة ? أن النبي ? قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" ().

ولحديث جابر ?، أن النبي ? قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيما سواه" ().

ولحديث أبي الدرداء ?، قال: قال رسول الله ?: "فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي ألف صلاة، وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة" ().

ثم بعد المساجد الثلاثة فقد نص الحنفية على أنه يستحب أن يعتكف في المسجد الجامع، ثم المساجد العظام التي كثر أهلها ().

ونص الشافعية والحنابلة: أن الأفضل أن يعتكف في الجامع ممن تجب عليه الجمعة، إذا تخلل اعتكافه جمعة لئلا يحوجه ذلك إلى الخروج إليها.

ونص الحنابلة: أنه يستحب أن يتحرى الاعتكاف في مسجد تكون المطهرة قريبة منه؛ لئلا يطول زمن خروجه ().

وعلى هذا يقال: يستحب أن يكون الاعتكاف في المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى، ثم المسجد الجامع، لمزيته الشرعية، وخروجاً من خلاف من اشترطه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير