تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الشرب فإن كان في المسجد سقاية فلا يجوز له الخروج، وإلا جاز.

وهو مذهب الشافعية ().

الأدلة:

استدل الجمهور بالأدلة الآتية:

1 - قوله تعالى: ?وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ? ()،

فدلت الآية أن الأصل مكث المعتكف في مسجده، لعدم الحاجة إلى خروجه إذا كان هناك من يأتيه بطعامه.

2 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي ? - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ().

وقوله: "إلا لحاجة الإنسان" كناية عن البول والغائط ()، فدل ذلك على أنه لا يخرج للأكل والشرب.

واستدل الشافعية:

أن له الخروج للأكل إذا كان المسجد مطروقاً؛ لأن الأكل مما يستحيي منه، بخلاف المسجد المهجور.

وليس له الخروج للشرب إذا كان في المسجد ماء؛ لأن في الأكل تبذلاً بخلاف الشرب. ولأن استطعام الطعام مكروه، واستسقاء الماء غير مكروه ().

الترجيح:

يمكن الجمع بين الرأيين فيقال: إن احتاج إلى الخروج للأكل لعدم من يأتيه به، أو كان يحتشم من الأكل في المسجد لعدم حجرة أو خباء يأكل فيه فله الخروج، وإلا فليس له ذلك. وكذا له الخروج للشرب إن لم يكن في المسجد سقاية، أو لم يكن من يأتيه به، والله أعلم.

فرع:

وأجاز ابن حامد من الحنابلة: أن يأكل مع أهله يسيراً إذا خرج لأمر لابد له منه كقضاء الحاجة؛ لأن ذلك لا يمنعه المرور في طريقه.

وقال بعض الحنابلة: ليس له ذلك؛ لأنه لبث في غير معتكفه لما له منه بُد فأشبه اللبث لمحادثة أهله.

فأمَّا إن أكل وهو مار فلا بأس به؛ لأنه له احتباس فيه ().

الأمر الرابع: الخروج لصلاة الجمعة:

وفيه فروع:

الفرع الأول: أثره على الاعتكاف.

الفرع الثاني: زمن الخروج من المعتكف لصلاة الجمعة.

الفرع الثالث: زمن الرجوع إلى المعتكف من صلاة الجمعة.

الفرع الأول: أثره على الاعتكاف.

إذا تخلل الاعتكاف جمعة في مسجد غير جامع وجب على المعتكف الخروج إلى صلاة الجمعة إذا كان من أهلها، وهذا باتفاق الأئمة ().

لفرضيتها عليه إجماعاً ()، وعدم إمكان قضائها جمعة.

لكن اختلف العلماء رحمهم الله في بطلان الاعتكاف في الخروج إلى الجمعة على قولين:

القول الأول: أنه لا يبطل اعتكافه.

وهو مذهب الحنفية ()، والحنابلة ()، وبه قال ابن حزم ().

القول الثاني: أنه يبطل اعتكافه.

وهذا مذهب المالكية ()، والشافعية ().

لكن قيده الشافعية فيما إذا كان تطوعاً أو نذراً متتابعاً، فإذا كان نذراً غير متتابع لم يبطل بخروجه إلى الجمعة.

الأدلة: استدل الحنفية والحنابلة بالأدلة الآتية:

1 - ما تقدم من الأدلة الدالة على مشروعية الاعتكاف في مسجد الجماعة ().

وجه الدلالة: أن الشارع أذن بالاعتكاف في مسجد الجماعة مع إيجاب صلاة الجمعة، فدل ذلك على إذنه للخروج لصلاة الجمعة، وما ترتب على المأذون غير مضمون.

2 - أدلة وجوب صلاة الجمعة كقوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ? ().

وجه الدلالة: دلت هذه الأدلة على عدم بطلان الاعتكاف بالخروج إلى صلاة الجمعة؛ لأن إيجاب الشارع لها يقتضي استثناءها من عدم البطلان بالخروج.

3 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي ? - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ().

وهذا في معنى حاجة الإنسان.

4 - قول علي ?: "من اعتكف فلا يرفث في الحديث ولا يساب، ويشهد الجمعة والجنازة، وليوصل أهله إذا كانت له حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم" ().

5 - أنه خرج لواجب فلم يبطل اعتكافه كالمعتدة تخرج لقضاء العدة، وكالخارج لإنقاذ غريق وإطفاء حريق.

6 - أنه إذا نذر أياماً فيها جمعة فكأنه استثنى الجمعة بلفظه ().

واستدل المالكية والشافعية على بطلان الاعتكاف بالخروج إلى الجمعة: بأنه يمكنه الاحتراز من الخروج بأن يعتكف في مسجد جامع ().

ونوقش: بأنه وإن أمكنه ذلك فلا يلزم منه بطلان اعتكافه بالخروج إلى صلاة الجمعة، لإذن الشارع في الاعتكاف في غير مسجد جامع.

الترجيح: الراجح – والله أعلم - عدم بطلان الاعتكاف بالخروج إلى صلاة الجمعة؛ لقوة الدليل على ذلك في مقابلة مناقشة دليل القول الآخر.

الفرع الثاني: زمن الخروج:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير