تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "كنّ المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله ? بإخراجهن من المسجد، وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن" ().

ونوقش: بأنه محمول على الاستحباب؛ إذ الاعتكاف لا يجب إلا في المسجد، وتحمل هذه الرحبة على رحبة لا يصح الاعتكاف فيها؛ لعدم دخولها في المسجد الذي يصح الاعتكاف فيه لكونها غير محوطة مثلاً، إذ لو كانت محوطة تابعة للمسجد لما جاز مقامها فيها ().

الترجيح: الراجح – والله أعلم - قول جمهور أهل العلم؛ لما استدلوا به.

المسألة الثالثة: أثر طروء الحيض أو النفاس على الاعتكاف الواجب عند من لم يعتبره مبطلاً:

اختلف القائلون بعدم إبطال الاعتكاف بطروء الحيض أو النفاس:

فالمشهور عند المالكية والحنابلة: أن حكم طروء الحيض على الاعتكاف الواجب. بنذر حكم طروء بقية الأعذار غير المعتادة، وقد تقدم بيان ذلك مفصلاً ().

وعند الشافعية: أن النذر له حالتان:

الأولى: أن يكون النذر غير متتابع فهذه تبني بعد طهرها.

الثانية: أن يكون النذر متتابعاً، فإن كان الاعتكاف مدة لا يمكن حفظها من الحيض غالباً بأن كان أكثر من خمسة وعشرين يوماً لم يبطل التتابع، بل تبنى عليه.

وإن كان في مدة يمكن حفظها من الحيض كخمسة عشر يوماً فما دونها فالمصحح عندهم أنه ينقطع التتابع فتستأنف ().

المطلب الخامس: طروء الإغماء () والجنون:

وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: كونهما من المبطلات.

المسألة الثانية: أثر ذلك على الاعتكاف الواجب عند من لم يره مبطلاً.

المسألة الأولى: كونهما من المبطلات:

اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في بطلان الاعتكاف بالإغماء والجنون على قولين:

القول الأول: عدم بطلان الاعتكاف بهما.

وهو قول جمهور أهل العلم ().

القول الثاني: بطلان الاعتكاف بهما، فإن بقي في المسجد صح اليوم الذي أغمي فيه ولم يصح ما بعده.

وهو مذهب الحنفية ().

قال ابن رشد: "والسبب في اختلافهم في هذا الباب أنه ليس في هذه الأشياء شيء محدود من قبل السمع فيقع التنازع في تشبيههم ما اتفقوا عليه فيما اختلفوا فيه" ().

الأدلة:

استدل الجمهور على عدم بطلان الاعتكاف بالإغماء والجنون بما يلي:

1 - لا يبطل بالإغماء؛ لعدم منافاته له كالنوم ().

2 - أنه لا يبطل الاعتكاف بالجنون لعدم اختياره ().

ودليل الحنفية على بطلان الاعتكاف بالجنون والإغماء: فإن كان واجباً فلما تقدم من اشتراطهم الصوم للاعتكاف الواجب، لعدم نية الصوم من المغمى عليه والمجنون ().

وأما صحة اليوم الذي أغمي، أو جن فيه فلوجود نية الصوم.

وأما إن كان الاعتكاف تطوعاً فلم أقف لهم على دليل.

الترجيح:

الراجح – والله أعلم - ما ذهب جمهور أهل العلم وعدم بطلان الاعتكاف بطروء الجنون والإغماء لما استدلوا به.

المسألة الثانية: أثر طروء الجنون والإغماء على الاعتكاف الواجب:

وفيها أمران:

الأمر الأول: أن لا يخرج من المسجد:

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:

القول الأول: أنه يلزمه قضاء زمن الجنون دون زمن الإغماء.

وهذا مذهب الشافعية ().

وعللوا: أنه يلزمه قضاء زمن الجنون؛ لأن المجنون لا تصح منه العبادات البدنية، ولا يلزمه قضاء زمن الإغماء إلحاقاً له بالنائم.

القول الثاني: أنه لا يلزمه قضاء زمنهما.

وهو ظاهر مذهب الحنابلة.

جاء في مطالب أولي النهى: "ويتجه أنه لا يقضي معتكف أغمي عليه زمن إغمائه؛ إذ هو كنائم، والنائم لا قضاء عليه، ولا يقضي زمن جنونه أيضاً لعدم تكليفه إذن وهو متجه" ().

والظاهر: أن المجنون لا يقضي الاعتكاف المعين؛ لعدم تكليفه مدة التعيين، ويلزمه ما عداه؛ لعدم صحته منه وإمكانه في زمن آخر ().

القول الثالث: أنه لا يلزمه قضاء اليوم الذي جن أو أغمي فيه ويلزمه قضاء فيما اختلفوا فيه" ().

الأدلة: استدل الجمهور على عدم بطلان الاعتكاف بالإغماء والجنون بما يلي:

1 - لا يبطل بالإغماء؛ لعدم منافاته له كالنوم ().

2 - أنه لا يبطل الاعتكاف بالجنون لعدم اختياره ().

ودليل الحنفية على بطلان الاعتكاف بالجنون والإغماء: فإن كان واجباً فلما تقدم من اشتراطهم الصوم للاعتكاف الواجب، لعدم نية الصوم من المغمى عليه والمجنون ().

وأما صحة اليوم الذي أغمي، أو جن فيه فلوجود نية الصوم.

وأما إن كان الاعتكاف تطوعاً فلم أقف لهم على دليل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير