تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - أنه لما لم يبطل الاعتكاف بالكلام المباح لم يبطل بالمحرم كالصوم ().

3 - أن النهي عن فعل كبيرة لا يعود إلى ذات المنهي عنه، وإنما لأمر خارج، فلم يكن مبطلاً.

وأما دليل المالكية:

القياس على السكر بجامع أن كلاً منهما كبيرة فلما فسد بالسكر فسد بكل كبيرة ().

ونوقش: بأنه قياس مع الفارق؛ إذ إن السكران ليس من أهل المسجد كما تقدم فلم يجز له المكث فيه فبطل في حقه ركن الاعتكاف، وهو اللبث في المسجد، بخلاف من فعل كبيرة فهو من أهل المسجد ().

الترجيح:

الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، لما استدلوا به من أن الأصل صحة الاعتكاف، وعدم إبطاله إلا بدليل شرحي، وورود المناقشة على دليل المالكية لكن يتأكد في حقه وجوب المبادرة إلى التوبة؛ لتلبسه بهذه العبادة، مع نقصان أجره بارتكابه لهذه المعصية.

وكذا لا يبطل اعتكافه إن خاصم، أو ساب أو قاتل؛ لما تقدم من التعليل على بطلان الاعتكاف بفعل كبيرة.

المطلب الثامن: الردة:

وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: كونها مبطلة.

المسألة الثانية: أثرها على الاعتكاف الواجب.

المسألة الأولى: كونها مبطلة:

إذا ارتد المعتكف بطل اعتكافه باتفاق الأئمة ().

ودليل ذلك قوله تعالى: ?لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ? ().

فالردة تبطل جميع العبادات من الطهارة والصلاة والصوم والإحرام والاعتكاف، لعموم الآية.

ولأن الكافر ليس من أهل العبادات ().

وقد تقدم أن من شروط صحة الاعتكاف الإسلام ().

المسألة الثانية: أثرها على الاعتكاف الواجب:

اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على قولين:

القول الأول: أن اعتكافه يبطل فلا يتمكن من البناء في الاعتكاف المتتابع، فيلزمه أن يستأنف.

وهذا مذهب الشافعية ()، والحنابلة ().

القول الثاني: سقوط القضاء.

وهو مذهب الحنفية ()، والمالكية ().

الأدلة: استدل الشافعية والحنابلة على عدم البناء في الاعتكاف المتتابع: بما تقدم من الدليل على بطلان الاعتكاف بالردة.

ولأنه غير معذور فلم يتمكن من البناء ().

واستدل الحنفية والمالكية: على سقوط قضاء الاعتكاف الواجب بالردة: بقوله تعالى: ?قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ? ()، ولحديث عمرو بن العاص ?، أن النبي ? قال: "الإسلام يهدم ما قبله" ().

ونوقش هذا الاستدلال: بأنه في الكافر الأصلي دون المرتد لترتب ذلك في ذمته قبل الردة.

وعلى هذا فالراجح: ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة؛ لما استدلوا به، والله أعلم.

وأما الاعتكاف غير المتتابع فما مضى منه قبل الردة فصحيح.

المطلب التاسع: إفساد الصوم:

وهذا عند المالكية مطلقاً؛ إذ الصوم شرط لصحة الاعتكاف عندهم.

وعند الحنفية: إفساد الصوم موجب لبطلان الاعتكاف الواجب بنذر؛ لأن الصوم شرط لصحته عندهم دون التطوع فيصح الاعتكاف فيه مع الفطر.

وعند الشافعية والحنابلة: أن ذلك لا يضر؛ لأنهم لا يرون شرطية الصوم لصحة الاعتكاف، بل هو مسنون ().

المطلب العاشر: قطع نية الاعتكاف:

تقدم أن النية شرط من شروط صحة الاعتكاف، وقد عدم بعض أهل العلم كالحنفية والمالكية وغيرهم، كما سبق من أركان الاعتكاف.

وقد اختلف العلماء في بطلان الاعتكاف إذا نوى المعتكف الخروج من الاعتكاف على أقوال:

القول الأول: أنه يبطل اعتكافه بقطع نية الاعتكاف، دون العزم على الخروج منه أو التردد في القطع.

وبه قال ابن حامد من الحنابلة ().

القول الثاني: أنه يبطل اعتكافه مع العزم والتردد في القطع.

وهو ظاهر مذهب الحنابلة ()، حيث ألحقوا الاعتكاف بالصوم إذا نوى الخروج منه، وفي الصوم إذا عزم على الخروج منه أو تردد بطل صيامه.

القول الثالث: أنه لا يبطل اعتكافه بنية الخروج منه.

وهو مذهب الشافعية ().

الأدلة:

دليل الرأي:

أولاً: استدل على عدم القطع بالتردد أو العزم على القطع:

1 - حديث عمر ? أن النبي ? قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" ().

دل الحديث على اعتبار النية للعبادة، ولا تبطل إلا بالقطع دون التردد؛ إذ الأصل بقاء النية، فالتردد لا حكم له، بل العمل على ما عزم عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير