تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - ما رواه ابن مسعود ? قال: "صليت مع النبي ? حتى هممت بأمر سوء، قيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه" (). فظاهره: تردد ابن مسعود أو عزمه على قطع الصلاة وقد استمر فيها.

3 - ولما روى أنس ?: "أن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع النبي ? الذي توفي فيه حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف فكشف النبي ? ستر الحجرة لينظر إلينا وهو قائم، فكأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم فضحك فهممنا أن نفتتن من الفرح" (). فظاهره تردد الصحابة، أو عزمهم قطع الصلاة، واستمروا في صلاتهم.

4 - أنه لم يجزم بنية القطع.

ثانياً: استدل على بطلان الاعتكاف بنية قطعه: قياساً على قطع نية الصلاة والصوم ()، ولإبطاله شرطاً من شروط صحته.

وأما دليل الرأي الثاني: أن التردد في النية أضعفها أشبه ما لو قطعها، ولأنه لم يجزم النية.

ونوقش هذا الاستدلال: بعدم التسليم، لوجود الفارق فإن المتردد لم يقطع فلا يحكم له بشيء بخلاف من قطع النية، فقد أبطل شرطاً من شروط صحة الاعتكاف.

وأما التعليل بأنه لم يجزم النية، فهو استدلال بمحل النزاع.

وأما دليل الشافعية: فلوجود ركن الاعتكاف، وهو اللبث في المسجد، وقياساً على ما لو جن أثناء الاعتكاف لانتفاء النية حال الجنون.

ونوقش هذا الاستدلال: بأنه وإن وجد اللبث في المسجد، فلا يلزم منه صحة الاعتكاف لإفساده بقطع نيته التي هي شرط فيه كما تقدم.

وأما القياس على الجنون فقياس مع الفارق؛ إذ الجنون ليس باختيار الشخص، وقطع النية باختياره.

الترجيح:

الراجح – والله أعلم - القول ببطلان الاعتكاف بقطع نيته، دون العزم على الخروج منه، أو التردد في الخروج منه؛ لقوة ما استدلوا به.

المطلب الحادي عشر: الموت:

إذا مات المعتكف أثناء اعتكافه بطل اعتكافه ()، لحديث أبي هريرة ? أن النبي ? قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" ()، ولخروج الميت عن أهلية العبادة.

وسيأتي حكم قضاء الاعتكاف عن الميت ().

المطلب الثاني عشر: شروط المبطلات السابقة:

اختلف العلماء رحمهم الله تعالى فيما يشترط لمن تلبس بمبطل من مبطلات الاعتكاف - حسب خلافهم في اعتباره مبطلاً، أو عدم اعتباره - على أقوال:

القول الأول: أنه يشترط لبطلان الاعتكاف بأي مبطل أن يكون عالماً ذاكراً مختاراً، فإن كان جاهلاً، أو ناسياً، أو مكرهاً لم يبطل اعتكافه.

وهو مذهب الشافعية ()، وبه قال ابن حزم ().

القول الثاني: إن كان البطلان بالخروج وما يتعلق به اشترط أن يكون عامداً مختاراً، فإن كان ناسياً أو مكرهاً لم يبطل اعتكافه، وإن كان البطلان بالوطء ومقدماته بطل مطلقاً.

وهذا مذهب الحنابلة ().

القول الثالث: أنه يبطل الاعتكاف مطلقاً.

وهو مذهب الحنفية ()، والمالكية ().

لكن عند الحنفية: إن أكل نهاراً ناسياً لم يبطل الاعتكاف؛ إذ الأصل عندهم: أن ما منع منه لأجل الاعتكاف لا يختلف عمده وسهوه، وما منع منه لأجل الصوم يختلف عمده وسهوه ().

الأدلة:

استدل من اشترط العلم والذكر والاختيار لفساد الاعتكاف بالمبطلات:

1 - قوله تعالى: ?وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ? ()، والجاهل والناسي والمكره لم يتعمد قلبه فعل المبطل.

2 - قوله تعالى: ?رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ? () قال الله: "قد فعلت" ().

فدلت الآية على رفع المؤاخذة عن الناسي والجاهل.

3 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي ? قال: "إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ().

وأما دليل الحنابلة على فساد الاعتكاف بالوطء ومقدماته مع النسيان والإكراه:

1 - عموم الأدلة الدالة على فساد الاعتكاف بالوطء ومقدماته.

ونوقش هذا الاستدلال: بتخصيص هذه العمومات بأدلة الرأي الأول.

2 - أن الاعتكاف عبادة تفسد بالوطء عمداً، فكذلك بالنسيان كالحج.

ونوقش هذا الاستدلال: بعدم تسليم الأصل المقيس عليه، فلا يسلم أن الحج يفسد بالوطء نسياناً؛ لما تقدم من الأدلة؛ إذ الجماع من باب التروك يعذر فيها بالجهل والنسيان.

وأما دليل الحنفية والمالكية على بطلان الاعتكاف بمبطلاته مع النسيان والإكراه: فعموم أدلة المبطلات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير