تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقول بالإباحة لا يمنع المشروعية للعمومات.

المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد:

تقدم في مبحث الخروج من المسجد أن المعتكف لا يخرج لقربة من القرب إلا بالشرط.

لكن إذا خرج من المسجد لعذر من الأعذار فهل له عيادة المريض، والصلاة على الجنازة؟ على قولين:

القول الأول: أن له ذلك ما لم يقف لانتظارها أو يعدل عن طريقه إليها.

وهو قول جمهور أهل العلم ().

القول الثاني: يجوز مطلقاً.

وهو قول بعض السلف: كالحسن البصري، وسعيد بن جبير، وغيرهم ()، وهو ظاهر مذهب الحنفية ().

جاء في بدائع الصنائع: "ولا يخرج لعيادة مريض ولا لصلاة جنازة ويجوز أن تحمل الرخصة على ما إذا خرج المعتكف لوجه مباح كحاجة الإنسان أو للجمعة، ثم عاد مريضاً، أو صلى على جنازة من غير أن يكون خروجه لذلك قصداً وذلك جائز" ().

الأدلة:

استدل الجمهور على ما ذهبوا إليه بما يلي:

1 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي ? يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه" ().

ونوقش: بأنه ضعيف؛ لاضطراب ليث بن أبي سليم.

2 - ما ورد عن عائشة رضي الله عناه قالت: "عن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة" ().

3 - أنه لا يفوت بسببه إلا زماناً يسيراً ().

4 - أن سؤاله عن المريض كلام فيه مصلحة وقربة ولا يحبسه عن اعتكافه فجاز كغيره من الكلام المباح ().

دليل الرأي الثاني:

أما ما ذهب إليه الحسن وسعيد، فلأنهم يجوزون الخروج لعيادة المريض وصلاة الجنازة ابتداء، وإن لم يخرج لعذر.

وتقدم دليلهم مع مناقشته ().

وأما دليل الحنفية: فلعله جواز العيادة وصلاة الجنازة تبعاً للخروج.

الترجيح:

الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، وأن له أن يعود المريض ويصلي على الجنازة في طريقه دون أن يقف لانتظارها، لما تقدم من الدليل أن المعتكف ليس له فعل قربة من القرب خارج المسجد إلا بالشرط ()؛ ولأن الأصل بقاء المعتكف في معتكفه جاز له الخروج لحاجة الإنسان وما ألحق بها، فما عداه خلاف الأصل.

المطلب الثامن: الوضوء في المسجد.

اختلف العلماء في حكم الوضوء في المسجد على أقوال:

القول الأول: إباحة الوضوء في المسجد.

وهو مذهب الشافعية والحنابلة ()، وهو قول كثير من السلف ().

قال ابن المنذر: "أباح كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار منهم ابن عمر وابن عباس وعطاء وطاووس وأبوبكر بن محمد بن عمرو بن حزم وابن جريج، وعوام أهل العلم، وبه نقول إلا أن يبل مكاناً يجتاز الناس فيه فإني أكرهه إلا أن يفحص الحصا عن البطحاء كما فعل لعطاء وطاووس، فإاذ توضأ ردّ الحصا عليه فإني لا أكرهه".

لكن اشترط الزركشي من الشافعية: ألا يحصل تمخط بالاستنشاق ولا بصاق بالمضمضمة ونحو ذلك من التنخع، وإلا ينتهي إلى التحريم.

واشترط الحنابلة: أن لا يحصل منه بصاق، أو مخاط.

القول الثاني: كراهة الوضوء في المسجد.

وهو مذهب الحنفية ()، وبه قال الإمام مالك ()، ورواية عن الإمام أحمد ().

لكن عند الحنفية: إذا كان يتوضأ في مكان لا يصلي فيه لا يكره.

القول الثالث: عدم جواز الوضوء في المسجد.

وبه قال بعض الحنابلة ().

الأدلة:

استدل من قال بجواز الوضوء في المسجد بالأدلة الآتية:

1 - ما رواه رجل من الصحابة ? قال: "حفظت لك أن رسول الله ? توضأ في المسجد" ().

2 - وروى نعيم بن المجمر قال: "رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ فقال: سمعت النبي ? يقول: إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل" ().

3 - حديث علي بن أبي طالب ? "أن النبي ? دعا بسجل () من ماء زمزم، فشرب منه وتوضأ " ().

4 - أن العباس بن عبدالمطلب ? قال في ماء زمزم: "لا أحلها لمغتسل، وهي للشارب والمتوضئ حل وبِل () " ().

5 - ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنه توضأ في المسجد" ().

ودليل من قال بالكراهة: ما تقدم من حديث أنس ?، وفيه: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء ن هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن" ().

وإذا توضأ في المسجد فسيصيب المسجد شيء من القذر بسبب المخاط أو البصاق، أو وسخ الأعضاء.

ودليل من قال بعدم الجواز: بناء على نجاسة الماء المستعمل في رفع الحدث ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير