تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن استثنى الحنفية: ما إذا جلس الخياط ونحوه في المسجد لمصلحته من دفع صبيان أو صيانته فلا بأس.

واستثنى الحنابلة: ما إذا كان يسيراً لم يقصد به التكسب.

القول الثاني: أنه يكره التكسب بالصنائع في المسجد.

وهو مذهب المالكية ()، والشافعية ().

الأدلة:

دليل الرأي الأول القائل بتحريم التكسب في المسجد:

أما الحنفية: فلأنه مخلص لله فلا يكون محلاً لغير العبادة ().

وأما الحنابلة: فلأن التكسب بالصنائع عندهم في معنى البيع، والبيع يحرم عندهم.

ودليل الرأي الثاني القائل بكراهته:

أن التكسب بالصنائع في المسجد في معنى البيع، والبيع يكره عندهم في المسجد ().

ونوقش: بعدم تسليم الأصل كما تقدم، بل البيع محرم في المسجد ().

الترجيح:

الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة من تحريم التكسب في المسجد، لما استدلوا؛ ولأن إباحة ذلك يؤدي إلى إخراج المسجد عن مقصوده، ويخل بحرمته.

لكن إذا لم يقصد التكسب وكان يسيراً له أو لغيره فلا بأس كما لو خصف نعله أو رقع ثوبه ().

وكذا استثنى بعض العلماء: ما كان مصلحته عامة للمسلمين كإصلاح آلات الجهاد فأجازه في المسجد ().

ويؤيد ذلك: ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "والله لقد رأيت رسول الله ? يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله ? يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم" ().

فاللعب بالحراب في المسجد جاز لكونه مقصوداً لغيره، لا لذاته، بل هو وسيلة للتقوي على الجهاد، فصار من القرب كإقراء القرآن والعلم ().

وعلى قياسه كتابة العلم، وتعليمه وإقراء القرآن بأجر ().

المطلب الرابع: البول في إناء في المسجد:

اختلف العلماء رحمهم الله في حكم البول في إناء في المسجد على قولين:

القول الأول: تحريم ذلك.

وهو قول جمهور أهل العلم من حنفية ومالكية وشافعية وحنابلة ().

ودليل ذلك ما يلي:

1 - ما رواه أنس ?، أن النبي ? قال لما بال الأعرابي في المسجد: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن" ().

2 - أن الهواء تابع للقرار، فإذا حرم في قرار المسجد، فكذا في هوائه.

3 - ولأن المساجد بيوت الله ومحل ذكره، وإباحة ذلك ولو في إناء يلحقها بالحشوش التي هي بيوت الشياطين.

4 - ولأن هذا يقبح ويفحش فوجب صيانة المسجد عنه كما لو أراد أن يبول في أرضه، ثم يغسله ().

القول الثاني: إباحة ذلك.

وهو قول لبعض المالكية ()، ووجه عند الشافعية ()، والحنابلة ().

واستدلوا لذلك: بما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "اعتكفت مع رسول الله ? امرأة من أزواجه مستحاضة، فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي" ().

فإذا جاز دم الاستحاضة في الإناء في المسجد، فكذا البول في إناء في المسجد.

ونوقش هذا الاستدلال: بأن المستحاضة ونحوها لا يمكنها التحرز من ذلك إلا بترك الاعتكاف، لاستمرار الحدث، بخلاف من حصره بول ونحوه فيمكنه التحرز من ذلك بالخروج لقضاء الحاجة مع الاستمرار في الاعتكاف ().

الترجيح: الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم؛ لقوة ما استدلوا به، ومناقشة دليل القول الآخر.

المطلب الخامس: إخراج الريح في المسجد:

اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: تحريم ذلك.

وهو وجه عند الشافعية، ووجه عند الحنابلة ().

القول الثاني: كراهة ذلك.

وهو قول جمهور أهل العلم ().

الأدلة:

استدل من قال بتحريم إخراج الريح في المسجد:

1 - حديث أبي هريرة ?، أن رسول الله ? قال: "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه" ().

وجه الدلالة:

دل هذا الحديث على أن الحدث في المسجد يحرم صاحبه دعاء الملائكة واستغفارهم، ودعاؤهم مرجو الإجابة، وما ذاك إلا لكونه أتى معصية ().

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أن المراد بالحدث المعصية أو البدعة في المسجد ().

ونوقش: بالمنع كما جاء مفسراً من حديث أبي هريرة ?، أن رسول الله ? قال: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له اللهم ارحمه حتى ينصرف أو يحدث؟ قلت: ما يحدث؟ قال: يفسو أو يضرط " ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير