تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

دليل الرأي الثالث: أنه لا تلزمه الليالي المتخللة بين الأيام:

لأن اللفظ مطلق عن قيد التتابع , فيجري على إطلاقه، فلا تدخل الليالي المتخللة في وقت اعتكافه كما في الصوم.

ونوقش من وجهين:

الوجه الأول: أنه قياس مع الفارق؛ إذ الاعتكاف عبادة دائمة ومبناها على الاتصال؛ لأنه لبث والليالي قابلة للبث، فكانت داخلة في وقت اعتكافه، بخلاف الصوم فهي ليست قابلة للصوم.

الوجه الثاني: أن في اللفظ ما يقتضي دخول الليالي في وقت الاعتكاف وهو تعين الأيام في زمن محدد، فهو قرينة على التتابع ().

الترجيح:

الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه أهل القول الأول، القائل: بأنه يدخل معتكفه من غروب شمس أول ليلةٍ إلى غروب شمس آخر يوم؛ لقوة دليله في مقابل ضعف أدلة المخالفين بمناقشتها.

المسألة الثانية: أن تكون مطلقة:

وذلك كأن يقول: لله عليّ أن أعتكف عشرة أيام.

اختلف في ذلك على أقوال:

القول الأول: أنه لا تلزمه الليالي المتخللة بين الأيام فيعتكف من طلوع فجر اليوم الأول إلى غروب شمسه، ثم يعود ثانية من طلوع فجر اليوم الثاني إلى غروب شمسه وهكذا.

إلا إن اشترط التتابع، أو نواه فمن طلوع فجر اليوم الأول إلى غروب شمس آخر يوم.

وهو مذهب الشافعية ()، ومذهب الحنابلة ().

القول الثاني: أنه من غروب شمس ليلة أول يوم إلى غروب شمس آخر يوم.

وهو مذهب الحنفية ()، والمالكية ().

الأدلة:

دليل الرأي الأول:

استدل لهذا الرأي بعدم لزوم الليالي المتخللة أيام الاعتكاف:

1 - أن الليالي زمان لا يتناوله نذره، فلا تدخل في وقت اعتكافه كليلة ما قبله، وكليلة ما بعده ().

2 - أنه نذر أياماً فقط، واليوم اسم لبياض النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فلا تدخل الليالي في وقت اعتكافه، لعدم ما يقتضي ذلك ().

أدلة الرأي الثاني:

استدل لهذا الرأي: بأن الأصل في الأيام وكذا الليالي إذا ذكرت بلفظ الجمع أن يدخل ما بإزائها من الليالي، والليالي إذا ذكرت بلفظ الجمع يدخل ما بإزائها من الأيام، لقوله تعالى في قصة زكريا: ?ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً? ().

وقال في موضع آخر: ? ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً ? ()، والقصة واحدة، فلما عبر في موضع باسم الليالي، وفي موضع باسم الأيام، دل على أن المراد كل واحد منهما وما بإزائه، حتى إنه في الموضع التي لم تكن فيه الأيام على عدد الليالي أفرد كل واحد منهما في الذكر (). فقال تعالى: ?سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً? ().

ونوقش هذا الاستدلال:

بالمنع؛ إذ لا يلزم من ذكر الأيام دخول الليالي إلا بقرينة.

وأما الآية، فإن الليالي دخلت مع الأيام؛ لأن الله ذكرها في موضع آخر فكان منصوصاً عليها ().

الترجيح:

الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه أهل القول الأول؛ لقوة دليله في مقابل ضعف أدلة المخالفين بمناقشتها.

المطلب الخامس: من نذر اعتكاف شهر:

وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: أن يكون معيناً.

المسألة الثانية: أن يكون مطلقاً.

المسألة الأولى: أن يكون معيناً:

وذلك أن يقول: لله عليّ أن أعتكف شهر رمضان، أو شوال.

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: أنه من غروب شمس أول ليلة منه إلى غروب شمس آخر يوم منه سواء كان تاماً أم ناقصاً.

وبه قال الجمهور ().

القول الثاني: أنه من طلوع الفجر الثاني من أول يوم إلى غروب شمس آخر يوم.

وهو رواية عن الإمام أحمد ().

الأدلة:

دليل الرأي الأول: أنه من غروب شمس أول ليلة منه، إلى غروب شمس آخر يوم منه:

1 - قوله تعالى: ?فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ? (). وشهود الشهر يكون برؤية هلاله بعد غروب الشمس، فدل ذلك على دخول الشهر.

2 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي ? قال: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته" ().

فدل على أن الشهر يدخل برؤية الهلال، ويخرج برؤيته، والهلال يرى بعد غروب الشمس.

3 - أن الشهر يدخل بغروب شمس أول ليلة منه: بدليل حل الديون المعلقة ووقوع الطلاق والعتاق المعلقين ().

دليل الرأي الثاني: أنه من طلوع الفجر الثاني من أول يوم إلى غروب شمس آخر يوم:

1 - قوله تعالى: ? ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? ().

وجه الدلالة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير