تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المبحث الثالث: قضاء الاعتكاف الواجب على الميت.

المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب:

اختلف العلماء رحمهم الله تعالى فيما إذا أبطل المعتكف اعتكافه المستحب بعد الشروع فيه: هل يلزمه قضاؤه؟ على أقوال:

القول الأول: أنه لا يلزمه القضاء، لكن يستحب له.

وهو قول عند الحنفية ()، ومذهب الشافعية ()، والحنابلة ().

القول الثاني: أنه يلزمه القضاء.

وهو مذهب المالكية ().

القول الثالث: أنه يلزمه قضاء اليوم الذي شرع فيه دون غيره.

وهو مذهب الحنفية ().

وهناك قول ثالث للحنفية: أنه يقضي المسنون المؤكد وهو العشر الأواخر دون غيرها ().

الأدلة:

أدلة القول الأول:

استدل القائلون بعدم وجوب القضاء على من أبطل اعتكافه المستحب بما يلي:

1 - حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان النبي ? يعتكف العشر الأواخر من رمضان فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله، فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء فأذنت لها فضربت خباء، فلما رأته زينب ابنة جحش ضربت خباء آخر، فلما أصبح النبي ? رأى الأخبية فقال: ما هذا؟ فأخبر النبي ? فقال: آلبر تردن بهن؟ فترك الاعتكاف ذلك الشهر، ثم اعتكف عشراً من شوال" ().

وجه الدلالة: أنه لم يرد أنه ? أمر أزواجه بالقضاء، أو أنهن قضين الاعتكاف.

ونوقش هذا الاستدلال: بأنه لا دلالة فيه لعدم شروعهن فيه ().

2 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل علي النبي ? ذات يوم، فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. فقال: فإني إذاً صائم، ثم أتانا يوماً آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيس ()، فقال: أرينيه فلقد أصبحت صائماً فأكل" ().

ولم يرد أنه ? قضى هذا اليوم، وكذا الاعتكاف.

3 - حديث أبي جحيفة قال: "آخى رسول الله ? بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال: كل فإني صائم، فقال: ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل .. فقال سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي ?، فقال النبي ?: صدق سلمان" ().

فأقر النبي ? سلمان على تفطير أبي الدرداء ولم يأمره بالقضاء، فدل على أن المتطوع - في غير الحج والعمرة - له الخروج من عبادته، ولا قضاء عليه.

4 - حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: أن رسول الله ? "دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا. قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا. قال: فأفطري" ().

فأمرها النبي ? بقطع التطوع، ولم يأمرها بالقضاء، وكذا الاعتكاف.

5 - أنه لا يجب بالشروع فيه ابتداء، فالقضاء من باب أولى ().

ودليل من أوجب القضاء بعد الشروع فيه ما يلي:

1 - قوله تعالى: ?وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ? ().

وهذا يعم إبطاله بعد إكماله وفي أثنائه، فإن ما مضى من الاعتكاف عمل صالح يثاب عليه بحيث لو مات في أثنائه أُجر على ما مضى أجر مَنْ قد عمل لا أجر من نوى وقصد، وإذا كان عملاً صالحاً فقد نهى الله عن إبطاله.

ونوقش هذا الاستدلال من أوجه:

الوجه الأول: أن ما لم يتم فليس بعمل ()، أما كون الميت يؤجر فلأنه شرع فيه وحيل بينه وبين إتمامه.

الوجه الثاني: أن النهي هنا للكراهة لما تقدم من أدلة الجمهور، فلا يوجب القضاء.

الوجه الثالث: أن قوله تعالى: ?وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ? عام، والخاص كحديث أبي جحيفة وعائشة - مقدم على العام.

الوجه الرابع: أن المعنى لا تبطلوا أعمالكم بالرياء، أو بالكبائر ().

2 - أن النبي ? قضى الاعتكاف لما تركه كما في حديث عائشة وأنس وأبي هريرة رضي الله عنهم ().

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أن النبي ? لم يشرع فيه فلا دلالة فيه ().

ورد بن النبي ? شرع فيه؛ لأن المسجد كله موضع للاعتكاف، وقد دخل المسجد حين أراد الصلاة بالناس فالظاهر أنه نوى الاعتكاف؛ لأنه لم يكن في نيته الخروج منه بعد ذلك ().

الوجه الثاني: نه محمول على الاستحباب، لما تقدم من أدلة الرأي الأول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير