تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المرقاة " (2/ 245) وانظر " شرح السنة " (4/ 294) طبع المكتب الإسلامي بتحقيق شعيب الارناؤوط وزهير الشاويش

[20]

يصلونها إلا في المسجد من الزمن الأول ولأصحابنا وجهان:

أحدهما: الصحراء أفضل لهذا الحديث

والثاني وهو الأصح عند أكثرهم: المسجد أفضل إلا أن يضيق

قالوا: وإنما صلى أهل مكة في المسجد لسعته وإنما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى لضيق المسجد فدل على أن المسجد أفضل إذا تسع " (1)


(1) بل علل الأكثر بأن وضع مكة شرفها الله بين الجبال ولذلك لا يوجد فيها ساحة قريبة من المساكن اقرب من ساحة البيت الحرام. . . وهو وجه له قبول
وأما التعليل بالفضل فلا يقبل: لأن مسجده صلى الله عليه وآله وسلم له فضيلة صحيحة. . . ومع ذلك لم يصل به إلا من عذر. (زهير)
[21]

رد تعليل الصلاة في المصلى بعلة ضيق المسجد
كذا قالوا وفيه نظر بين فإنه لو كان الأمر كما قالوا لما واظب النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها في المصلى لأنه لا يواظب إلا على الأفضل
والقول: بأنه إنما فعل ذلك لضيق المسجد دعوى لا دليل عليها ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى الجمعة في المسجد وكان الناس يأتونه من عوالي المدينة وغيرها فيصلى بهم الجمعة فيه ولا يظهر أي فرق بين عدد الذين يحضرون الجمعة من الصحابة وبين الذين يحضرون العيدين حتى يقال: كان يتسع لأولئك ولا يتسع لهؤلاء ومن ادعى خلاف ذلك فعليه الدليل وما أخاله يستطيعه
ويؤيد ما ذكرنا أنه لو كانت صلاة العيدين في
[22]

المسجد أفضل منه في المصلى وكان المسجد ضيقا لبادر صلى الله عليه وسلم إلى توسيعه كما فعل بعض الخلفاء من بعده فهو صلى الله عليه وسلم أولى بتوسيعه منهم لو كان لا يتسع لها فتركه صلى الله عليه وسلم التوسيع لا يمكن تصوره مع التسليم بالأفضلية المذكورة اللهم إلا أن يدعي أحد أنه كان ثمة مانع وما أظن عالما يجرأ على هذه الدعوى ولئن فعل ذلك أحد فإنا نبادره بقول الله تبارك وتعالى (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين). سورة البقرة (الآية 111)
ومن العجيب أن الشافعية: جعلوا استمرار الرسول صلى الله عليه وسلم على أداء صلاة الجمعة في المسجد الواحد دليلا على عدم جواز تعدد الجمعة في بلد واحد ولم يجعلوا مواظبته صلى الله عليه وسلم على أدائه لصلاة العيدين في المصلى دليلا على أفضلية أدائها في المصلى دون المسجد ودليل المسألتين واحد كما ترى؟
وهذا كله يؤيد الوجه الأول من الوجهين اللذين ذكرهما الإمام النووي رحمه الله في مذهب السادة الشافعية
[23]

على أن الخلاف بينهما شكلي وغير عملي في مثل مدينة دمشق ونحوها من المدن الكبيرة إذ أن الوجه الثاني صرح بأن أفضلية الصلاة في المسجد مشروطة بأن يتسع لجميع المصلين ومثل هذا المسجد لا وجود له فيتفق الوجهان حينئذ كما هو مذهب جماهير العلماء على أن الأفضل الصلاة في المصلى وقد نص الإمام الشافعي - رحمه الله - على كراهة الصلاة في المسجد في حال ضيقه كما يأتي
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في " الفتح " (2/ 450 - السلفية) تحت الحديث الأول:
واستدل على استحباب الخروج إلى الصحراء لصلاة العيد وأن ذلك أفضل من صلاتها في المسجد لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك مع فضل مسجده
وقال الشافعي في
الأم ": بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة وكذا من بعده إلا من عذر مطر أو نحوه وكذلك عامة أهل البلدان إلا أهل مكة
[24]

ثم أشار إلى أن سبب ذلك سعة المسجد وضيق أطراف مكة. قال:
فلو عمر بلد فكان مسجد أهله يسعه في الأعياد لم أر أن يخرجوا منه فإن كان لا يسعهم كرهت الصلاة فيه ولا إعادة " (1)
ومقتضى هذا أن العلة تدور على الضيق والسعة لا لذات الخروج إلى الصحراء لأن المطلوب حصول عموم الاجتماع فإذا حصل في المسجد مع أفضليته كان أولى
وقد تعقبه الإمام الشوكاني بقوله (3/ 248):
وفيه أن كون العلة الضيق والسعة مجرد تخمين لا ينهض للاعتذار عن التأسي به صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى الجبانة (2) بعد الاعتراف بمواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك
وأما الاستدلال على أن ذلك هو العلة بفعل الصلاة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير