تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(2) الجبانة: هي الصحراء أصلا ثم أطلقت على المقابر لأنها تكون فيها من باب تسمية الشيء بموضعه وكذلك الجبان. (زهير)

[25]

في مسجد مكة فيجاب عنه باحتمال أن يكون ترك الخروج إلى الجبانة لضيق أطراف مكة لا للسعة في مسجدها

قلت: وهذا الاحتمال الذي ذكره الإمام الشوكاني أشار إليه الإمام الشافعي نفسه كما قال الحافظ فيما نقلته عنه آنفا ونص كلام الإمام الشافعي في " الأم " (1/ 207):

وأنما قلت هذا: لأنه قد كان وليس لهم هذه السعة في أطراف البيوت بمكة سعة كبيرة

فهذا يؤيد ما ذهب إليه الشوكاني - رحمه الله - أن تعليل تركه صلى الله عليه وسلم الصلاة في المسجد بضيقه مجرد تخمين فهو بالرفض قمين

وقد يحتج لتلك العلة بما رواه البيهقي في " السنن الكبرى " (3/ 310) من طريق محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي قال:

مطرنا في أمارة أبان بن عثمان على المدينة مطرا شديدا ليلة الفطر فجمع الناس في المسجد فلم يخرج إلى المصلى الذي يصلى فيه الفطر والأضحى

[26]

ثم قال لعبد الله بن عامر بن ربيعة. قم فأخبر الناس ما أخبرتني فقال عبد الله بن عامر: إن الناس مطروا على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فامتنع الناس من المصلى فجمع عمر الناس في المسجد فصلى بهم

ثم قام على المنبر فقال:

يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج بالناس إلى المصلى يصلي بهم لأنه أرفق بهم وأوسع عليهم وأن المسجد كان لا يسعهم قال: فإذا كان هذا المطر فالمسجد أرفق

والجواب: إن هذه الرواية ضعيفة جدا لأن محمد بن عبد العزيز هذا وهو محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف القاضي. قال البخاري: " منكر الحديث " وقال النسائي: " متروك " وقد أخرجها الشافعي في " الأم " (1/ 207) من طريق أخرى عن أبان بدون الحديث المرفوع والتعليل الموقوف على أن سنده ضعيف جدا أيضا لأنه من رواية إبراهيم شيخ الشافعي وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي

[27]

وهو كذاب وقال مالك لم يكن ثقة في الحديث ولا في دينه ولذلك قال الحافظ فيه في " التقريب ": " متروك "

فثبت مما تقدم بطلان التعليل بضيق المسجد وترجح أقوال العلماء الذين جزموا بأن الصلاة في المصلى هي السنة وأنه مشروع في كل زمان وبلد إلا لضرورة ولا أعلم أحدا من العلماء المستقلين - الذين يعتد بهم - خالف في ذلك فقال ابن حزم في " المحلى " (5/ 81): " وسنة صلاة العيدين: أن يبرز أهل كل قرية أو مدينة إلى فضاء واسع بحضرة منازلهم ضحوة أثر إبيضاض الشمس وحين ابتداء جواز التطوع "

ثم قال (ص 86): " وإن كان عليهم مشقة في البروز إلى المصلى صلوا جماعة في الجامع " ثم قال (ص 87):

وقد روينا عن عمر وعثمان رضي الله عنهما: أنهما صليا العيد بالناس في المسجد لمطر وقع يوم العيد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبرز إلى المصلى لصلاة العيدين فهذا أفضل وغيره يجزيء لأنه فعل لا أمر. وبالله التوفيق

[28]

وللأستاذ الفاضل الشيخ أحمد محمد شاكر (1) المحدث المشهور بحث طيب نافع في صلاة العيد في المصلى وفي خروج النساء إليها رأيت أن أنقله عنه لما فيه من الفوائد قال رحمه الله في تعليقه على الترمذي (2/ 421 - 424) بعد أن أشار إلى الحديث الأول. وذكر قول ابن جريج لعطاء المتقدم في الحديث الرابع: " أحقا على الإمام أن يأتي النساء حين يفرغ فيذكرهن؟ قال: أي العمري. . . " قال الشيخ أحمد:

وقد تضافرت أقوال العلماء على ذلك

فقال العلامة العيني الحنفي في " شرح البخاري " وهو يستنبط من حديث أبي سعيد (ج 6 ص 280 - 281) قال: " وفيه البروز إلى المصلى والخروج إليه ولا يصلي في المسجد إلا عن ضرورة "


(1) هو أستاذي العلامة الجليل المحدث المجتهد القاضي صاحب المؤلفات الكثيرة النافعة. ولد في القاهرة سنة 1309 وتوفي فيها سنة 1377. تغمده الله برحمته
وهو من أسرة علم وفضل ومروءة ودفاع عن السنة ومن هذه الأسرة والده العلامة الشيخ محمد شاكرك شيخ علماء الإسكندرية وأخوه العالم الجليل شيخ أدباء الإسلام في هذا العصر محمود محمد شاكر صاحب المؤلفات والتحقيقات المفيدة (زهير)
[29]

وروى ابن زياد عن مالك قال: " السنة الخروج إلى الجبانة إلا لأهل مكة ففي المسجد "
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير