تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا التقرير يقودنا إلى التنبيه على الأمر الثاني: وهو وجوب الدقة في عزو الأقوال إلى أصحابها، ومراعاة المصطلحات الخاصة بكل مذهب، فالحنفية –على سبيل المثال- ينسب إليهم القول في صلاة الجماعة بأنها سنة مؤكدة، كما هو مدون في كتبهم، ولكنهم يقصدون بالسنة المؤكدة: الواجب، وهذا ما صرح به علماؤهم، ومنهم علاء الدين السمرقندي (ت 539هـ) في تحفة الفقهاء (1/ 358) حيث قال: "إن الجماعة واجبة، وقد سماها بعض أصحابنا سنة مؤكدة، وكلاهما واحد" وكذا قال الكاساني (ت 587هـ) في بدائع الصنائع (1/ 155) وعبارته: "قال عامة مشايخنا: إنها –أي صلاة الجماعة- واجبة، وذكر الكرخي: أنها سنة ... وليس هذا اختلافاً في الحقيقة، بل من حيث العبارة؛ لأن السنة المؤكدة والواجب سواء، خصوصاً ما كان من شعائر الإسلام ... " أهـ.

وأما الشافعية، فقد صرح إمامهم محمد بن إدريس الشافعي (204هـ) في كتابه الأم (1/ 154) بما يدل دلالة واضحة أنه يرى الوجوب، حيث قال: "فلا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر" ومعلوم أن كتاب الأم من مصادر القول الجديد للشافعي –رحمه الله- وكذا عزا هذا القول له النووي في المجموع (4/ 184) وقال: "وهذا قول اثنين من كبار أصحابنا المتمكنين في الفقه والحديث، وهما أبو بكر ابن خزيمة، وابن المنذر .. " أهـ.

وأما الحنابلة، فالرواية المشهورة عن الإمام أحمد –رحمه الله- أن صلاة الجماعة واجبة، وهي المذهب عند الحنابلة، كما صرح به المرداوي في الإنصاف (2/ 210) ثم قال: "وعليه جماهير الأصحاب" أهـ.

وبهذا يتبين لك –أخي القارئ- عدم دقة القول بأن مذهب الجمهور هو القول بأنها سنة، خلافاً لما هو مثبت في بعض كتب الخلاف العالي، ولذا، فالواجب توثيق رأي كل إمام من كتب المذهب نفسه، وإن كانت كتب المذهب أحياناً تصرح بأن المذهب هو كذا، خلافاً لنص الإمام، كما نبه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وغيره.

وبكل حال، فقد ذهب المحققون من أهل العلم إلى وجوب صلاة الجماعة في بيوت الله تعالى، وبهذا أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتوى رقم (6036) برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- وذلك اتباعاً لأدلة الكتاب والسنة، ولما عليه صحابة هذه الأمة كما يدل عليه قول ابن مسعود الثابت في صحيح مسلم (1/ 453): "لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة)، وإذا كان هذا حال المريض المرخص له الصلاة في بيته، فما الظن بالصحيح المعافى؟! وهذا الأثر دليل ظاهر على استقرار أمر الوجوب عند الصحابة –رضي الله عنهم- وهو شاهد حسن على ما حكاه ابن تيمية من الإجماع المذكور سلفاً.

ولهذا، وغيره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (23/ 252) "والمصر على ترك الصلاة في الجماعة رجل سوء ينكر عليه، ويزجر على ذلك، بل يعاقب عليه، وترد شهادته، وإن قيل إنها سنة مؤكدة" ثم قال: "ومن قال: إنها سنة مؤكدة، ولم يوجبها، فإنه يذم من داوم على تركها، حتى إن من داوم على ترك السنن التي هي دون الجماعة سقطت عدالته عندهم، ولم تقبل شهادته. فكيف بمن يداوم على ترك الجماعة؟ فإنه يؤمر بها باتفاق المسلمين، ويلام على تركها، فلا يمكن من حكم، ولا شهادة، ولا فتيا، مع إصراره على ترك السنن الراتبة التي هي دون الجماعة، فكيف بالجماعة التي هي أعظم شعائر الإسلام؟!! " أهـ.

هذا وقد كان لحمل الناس –في هذا البلد- على إغلاق متاجرهم ومحلاتهم أثناء الصلاة، ومراقبة الهيئات وجهات الحسبة لهذا الأمر بكل دقة، أثر بالغ وحسن في إعانة الناس جميعاً –المقصِّر وغيره- على أداء الصلاة في وقتها، فضلاً عما يترتب على ذلك من المحافظة على أداء الصلاة جماعة، وما ينتج عنه من فوائد كثيرة، من تذكير للغافل، وتعليم للجاهل، وتقوية لأواصر المحبة بين أفراد الجماعة الواحدة، وغير ذلك مما لا يخفى، والله تعالى أعلم.

ـ[محمد البيلى]ــــــــ[26 - 09 - 09, 03:58 ص]ـ

اقرأ أخي الفاضل: محمد البيلى .. إن كنت تبحث عن الحق وتتبعه فاقرأ بدقة ..

عسى الله أن يدلنا الحق ويلزمنا إياه إنه سميع مجيب قريب .. فنحن نعبد الله بالنصوص الشرعية لا بزلات الفقهاء

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده وآله وصحبه وبعد ...

الأخ الفاضل،

هون عليك يا حبيب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير